للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي في المنام، فقال: أي بُنيَّ ما كان أشدَّ فرحي بك، وأعمالُك تُعرَض علينا، فنشَبِّهها بأعمال الصالحين! فلما كانت هذه المرَّة استحييت لذلك حياءً شديدًا، فلا تُخزِني فيمن حولي من الأموات. قال: فكنت أسمعه بعد ذلك يقول في دعائه في السَّحَر ــ وكان لي جارًا (١) بالكوفة ــ: أسألك إنابةً لا رجعةَ فيها ولا حَوْر، يا مصلح الصالحين، ويا هاديَ المضلّين، ويا أرحم الراحمين (٢).

وهذا باب فيه آثارٌ كثيرة عن الصحابة. وكان بعض الأنصار من أقارب عبد الله بن رواحة يقول: إني أعوذ بك من عمل أخزَى به [٤ أ] عند عبد الله بن رواحة. كان (٣) يقول ذلك بعد أن استُشْهِد عبد الله (٤).

ويكفي في هذه تسميةُ المسلِّم عليهم (٥) "زائرًا"، ولولا أنهم يشعرون به لما صحَّ تسميته زائرًا؛ فإن المزُورَ إن لم يعلم (٦) بزيارةِ مَن زاره لم يصحَّ أن يقال: زاره. هذا هو المعقولُ من الزيارة عند جميع الأمم.

وكذلك السلام عليهم أيضًا، فإنَّ السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلِّم محالٌ. وقد علَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَّته إذا زاروا القبور أن يقولوا: "سلام


(١) (ط): "جارًا لي".
(٢) (ط، ج): "راحم المذنبين". وكذا في المنامات لابن أبي الدنيا (١٧). وأخرجه عنه ابن رجب في الأهوال (٨٨).
(٣) لم يرد "كان" في (ب، ط، ج).
(٤) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٦٥) ومن طريقه ابن أبي الدنيا في المنامات. وأورده ابن رجب في الأهوال (٨٧) والسيوطي في شرح الصدور (٣٤٣، ٣٤٤). والأنصاري هو أبو الدرداء.
(٥) "عليهم" ساقط من (ب).
(٦) (ط): "لو لم يعلم".