للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: ابسط يدك فلأبايعْكَ، فبسط يمينه. قال: فقبضتُ يدي. فقال: "مالك يا عمرو؟ " قلت (١): أردتُ أن أشترط. قال: "تشترطُ ماذا؟ " قلت: أن يُغفَر لي. قال: "أما علمتَ أنَّ الإسلام يهدم ما كان قبله، وأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحج يهدم ما كان قبله؟ ". وما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجلَّ (٢) في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالًا له، ولو سئلتُ أن أصفه ما أطَقْتُ لأني لم أكن أملأُ عينيَّ منه، ولو متُّ على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة.

ثم ولينا أشياءَ ما أدري ما حالي فيها.

فإذا أنا متُّ فلا تصحَبْني نائحةٌ ولا نار. فإذا دفنتموني فسُنُّوا عليَّ التراب سَنًّا (٣)، ثم أقيموا حول قبري قَدرَ ما تُنحر جَزور ويُقسَم لحمُها، حتى أستأنس بكم، وأنظرَ ماذا [٥ ب] أراجعُ به رسلَ ربِّي.

فدلَّ على أنَّ الميِّت يستأنس بالحاضرين عند قبره ويُسَرُّ بهم.

وقد ذُكِر عن جماعة من السلف أنهم أوصَوْا أن يُقرأ عند قبورهم وقت الدفن.

قال عبد الحق (٤): يروى أنَّ عبد الله بن عمر أمر أن يُقرأ عند قبره سورة


(١) (ب، ز، غ، ج): "قال".
(٢) ما عدا الأصل و (غ): "أحلا".
(٣) أي صُبُّوه صبًّا سهلًا. ويروى بالمعجمة. انظر: مشارق الأنوار (٢/ ٢٢٣). وفي الأصل و (غ) وضع النقط مع علامة الإهمال، للدلالة على جواز الوجهين.
(٤) في (ز): "عبد الحكيم"، وهو خطأ، فإن المقصود عبد الحق الإشبيلي.