للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنبذتُها إليه. قال: هي والله بأعيانها. قال: قلت: هذه واحدة.

قال: فقلت: هل حدث فيكم حدثٌ بعد موت صعب؟ قالوا: نعم حدث فينا كذا، حدث فينا كذا. قال: قلت: اذكروا. قالوا: نعم. هِرَّةٌ ماتت منذ أيام، فقلت: هاتان اثنتان. قلت: أين ابنة أخي؟ قالوا: تلعب، فأُتِيتُ بها، فمَسِسْتُها، فإذا هي محمومة، فقلت: استوصُوا بها معروفًا. فماتت لستة أيام (١).

وهذا من فقه عوف رحمه الله، وكان من الصحابة، حيث نفَّذ وصية صعب بن جثَّامة بعد موته، وعلم صحة قوله بالقرائن التي أخبره بها، من أنَّ الدنانير عشرة، وهي في القَرَن، ثم سأل اليهودي، فطابق قولُه لما في الرؤيا، فجزم عوف بصحة الأمر، فأعطى (٢) اليهودي الدنانير. وهذا فقه إنما يليق بأفقهِ الناس وأعلمِهم، وهم أصحاب [٨ ب] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولعل أكثر المتأخرين ينكر ذلك ويقول: كيف جاز لعوف أن ينقل الدنانير من تركة صعب ــ وهي لأيتامه وورثته ــ إلى يهودي بمنام؟

ونظيرُ هذا من الفقه الذي خصَّهم الله به دون الناس قصَّةُ ثابت بن قيس بن الشمَّاس. وقد ذكرها أبو عمر بن عبد البر وغيرُه، قال أبو عمر (٣): أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبَغ، حدثنا أبو الزِّنْباع


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات (٢٥). ومنه في الأهوال (٨٩). ومنه ومن عيون الحكايات لابن الجوزي في شرح الصدور (٣٥٢). وأخرجه الجريري في الجليس الصالح (٣/ ٢٧٤). وقد أخرجه ابن المبارك في الزهد (٨٣٠) على وجه آخر. قال ابن رجب: وهو أشبه.
(٢) (ب، ط، ج): "وأعطى".
(٣) في كتاب الاستيعاب (١/ ٢٠١).