للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوصيك (١) بوصية، فإياك أن تقول: هذا حلم، فتضيعَه! إنّي لمّا قُتِلتُ أمسِ مرَّ بي رجلٌ من المسلمين، فأخذ درعي. ومنزلُه في أقصى الناس، وعند خبائه فرسٌ يستنُّ في طِوَله (٢)، وقد كفأ على الدرع بُرمَةً (٣)، وفوق البرمة رَحْلٌ. فأتِ خالدًا، فمُرْه أن يبعث إلى درعي، فيأخذَها. وإذا قدمتَ المدينة على خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ــ يعني أبا بكر الصديق ــ فقل له: إن عليَّ من الدين كذا وكذا، وفلانٌ من (٤) رقيقي عتيق، وفلان.

فأتى الرجل خالدًا، فأخبره، فبعث إلى الدرع فأُتي بها. وحدَّث أبا بكر برؤياه، فأجاز وصيته. قال: ولا نعلم أحدً أجيزت وصيتُه بعد موته غيرَ ثابت بن قيس رحمه الله (٥).

انتهى ما ذكره أبو عمر.


(١) (ب، ط، ج): "إني أوصيك".
(٢) الطِّوَل: الحبل الذي يطوَّل للدابة، فترعى فيه. والاستنان: النشاط والمرح.
(٣) البُرمة: القدر.
(٤) لم ترد "من" في (ب، ط، ج).
(٥) أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣٣٩٩) قال: حدثنا هشام بن عمار بإسناده إلى قوله: "إلى مُسيلمة".
ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده الكبير ــ كما في المطالب العالية (٣٧٢١) ــ، والطبراني في المعجم الكبير (١٣٢٠) من طريقين عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بإسناده، مطولًا.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ٣٢٢): "رواه الطبراني، وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها وبقية رجاله رجال الصحيح، والظاهر أن بنت ثابت بن قيس صحابية، فإنها قالت: سمعت أبي".

قلت: وما استظهره رحمه الله وجيه جدًّا؛ لأن تصريحها بالسماع من أبيها الذي قتل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه في وقعة اليمامة أوائل سنة (١٢ هـ) دليل على إدراكها لزمن النبوة وهي مميزة. ولذلك أوردها في الصحابة أبو نعيم في معرفة الصحابة ترجمة (٤٢٢١) وأخرج لها هذا الحديث من طريق ابن أبي عاصم، واستدركها أبو موسى المديني على ابن منده، كما في أُسد الغابة ترجمة (٧٦٣٥). (قالمي).