للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما ماتت رابعةُ رأتها امرأة (١) من أصحابها وعليها حُلَّةُ إسْتَبْرَقٍ، وخِمارٌ من سُندُس، وخمارٌ من صوف (٢)، فقالت لها: ما فعلت الجُبَّة التي كفَّنتُكِ (٣) فيها، والخمار الصوف؟ قالت: والله إنّه نُزِعَ عني (٤)، وأُبدِلْتُ به هذا الذي ترَيْن عليَّ، وطُوِيت أكفاني، وخُتِم عليها، ورُفِعتْ في علّييّن؛ ليكملَ لي ثوابها يوم القيامة. قالت: فقلت لها: لهذا كنتِ تعملين أيام الدنيا؟ فقالت: وما هذا عندما رأيت من كرامة الله (٥) لأوليائه!

فقلت لها: فما فعلت عَبْدة (٦) بنت أبي كلاب؟ فقالت: هيهات هيهات! سبقتنا ــ والله ــ إلى الدرجات العلى! قالت: قلت: وبمَ، وقد كنتِ عند الناس أعبدَ منها؟ فقالت: إنها لم تكن تبالي على أيّ حال أصبحتْ من الدنيا أو أمست.

فقلت: فما فعل أبو مالك؟ تعني ضيغمًا. فقالت: يزور الله تبارك وتعالى متى شاء.

قالت: قلت: فما فعل بِشْر بن منصور؟ (٧) قالت: بخٍ بخٍ! أُعطِيَ والله


(١) هي عبدة بنت أبي شوّال، كما في المنامات.
(٢) كذا في جميع النسخ: "وخمار من صوف". والصواب حذفها، أو إضافة "وكانت قد دفنت في جبة من شعر" قبلها.
(٣) رسمها في (أ، ق): "كفّنتكي".
(٤) (ب، ط، ج): "لقد نزعه عنّي". وفي (ن): " ... مني".
(٥) هذا في (أ، غ، ق) والمنامات. وفيما عداها: "كرم الله".
(٦) كذا "عبدة" في جميع النسخ والمنامات وصفة الصفوة في ترجمة رابعة (٢/ ٢١١). ولكن سماها ابن الجوزي في ترجمتها (٢/ ٢١٣): "عُبيدة" مصغّرًا، ولما نقل الجزء المتعلق بها من هذا الخبر في ترجمتها سمَّاها عبيدة أيضًا.
(٧) بشر بن منصور السَّليمي أبو محمد الأزدي البصري مات سنة ١٨٠. ترجمته في الحلية (٦/ ٢٣٩). ونقل ابن الجوزي في ترجمته في صفة الصفوة (٢/ ١٩١) الجزء المتعلق به من هذا الخبر. وانظر: التقريب (١٢٤).