للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منامي، فقلتُ: يا أبا محمد، ألستَ في زمرة الموتى؟ قال: بلى. قلت: فماذا صرتَ إليه بعد الموت؟ قال: صرتُ والله إلى خير كثير، وربِّ غفور شكور. قال: قلت: أمَا والله لقد كنتَ طويل الحزن في دار الدنيا! فتبسَّم، وقال: والله لقد أعقبني ذلك راحةً طويلة، وفرحًا دائمًا. قلت: ففي أيِّ الدرجات أنت؟ قال: مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا (١).

ولما مات عاصم الجحدري (٢) رآه بعضُ أهله في المنام فقال: أليس قد متَّ؟ قال: بلى. قال: فأين أنت؟ قال: أنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابي، نجتمعُ كلَّ ليلةِ جمعة وصبيحتها إلى بَكر بن عبد الله المُزَني، فنتلقَّى أخباركم. قال: قلت: أجسادكم أم أرواحكم؟ قال: هيهات! بليتِ الأجساد، وإنّما تتلاقى الأرواحُ (٣).

ورُئِي الفضيل بن عِيَاض بعد موته، فقال: لم أرَ للعبد خيرًا من ربّه (٤).

وكان مُرّةُ الهَمْدانيُّ (٥) قد سجد حتى أكل التراب جبهته، فلما مات رآه


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات (٥٦) ــ وفي مطبوعته نقص ــ وفي الهم والحزن (١٢٨). ومن طريقه في الحلية (٦/ ١٧٢).
(٢) (ق): "الحجازي"، تحريف.
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات (٥٨). وقد سبق في المسألتين الأولى والثانية.
(٤) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٨/ ١٠٤) بسنده عن محمد بن فضيل.
(٥) (ن): "قرّة"، تصحيف، فهو مُرَّة بن شَرَاحيل الهمْداني الكوفي. يقال له: مرة الطيّب ومرة الخير، لعلمه وعبادته. مخضرم، توفي سنة ٧٦. وقيل: بعد ذلك. انظر: التقريب (٥٢٥)، وسير أعلام البنلاء (٤/ ٧٤).