للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملاقاة الأرواح وإخبارِ بعضها بعضًا (١)، ومن إلقاءِ المَلَكِ (٢) في القلب والرُّوع، ومن رؤيةِ الروح للأشياء مكافحةً بلا واسطة.

وقد ذكر أبو عبد الله ابن منده الحافظ في كتاب «النفس والروح» من حديث محمد بن حُميد، ثنا عبد الرحمن بن مَغْراء الدَّوْسي (٣)،

ثنا الأزهرُ بن عبد الله الأزدي، عن محمد بن عجلان، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه قال: لقي عمرُ بن الخطاب عليَّ بن أبي طالب، فقال له: يا أبا حسن، ربما شهدتَ وغِبنا، وشهدنا وغِبتَ. ثلاثٌ أسألُك عنهن، فهل عندك منهن علم؟ فقال عليُّ بن أبي طالب: وما هنَّ؟ فقال: الرجل يحبُّ الرجلَ ولم يرَ منه خيرًا، والرجلُ يبغضُ الرجلَ ولم يرَ منه شرًّا. فقال عليٌّ: نعم، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ الأرواحَ جنودٌ مُجنَّدةٌ تلتقي في الهواء، فتَشَامُّ (٤)، فما تعارفَ منها ائتلفَ، وما تناكرَ منها اختلفَ». فقال عمر: واحدة.

قال عمر: والرجل: يحدَّث الحديثَ إذا نَسِيَه، فبينا هو قد نَسِيَه (٥) إذ ذكَره. فقال: نعم، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما في القلوب قلبٌ [١٩ أ] إلا


(١) (ن): «وإخبار لبعض».
(٢) كذا في (ب، ن، ج). وفي غيرها: «الملك الذي». وفي (ق): «التقاء».
(٣) كذا في (ب)، وهذا هو الصواب. وفي (ن، ج): «عبد الرحمن بن معن»، وهو وهمٌ مشهور. انظر: تقريب التهذيب (٣٥٠).

ولكن في الأصل: «أبو عبد الرحمن بن معن»، وفي (ق، ط، ز): «أبو عبد الرحمن ابن مغراء» فهل سقط «زهير» بعد «أبو»؟ فإن عبد الرحمن يكنى بأبي زهير.
(٤) وفي حديث ابن مسعود كما سيأتي: «فتشامُّ كما تشامُّ الخيلُ». أي يشَمُّ بعضُها بعضًا. ومنه قولك: شاممتُ فلانًا، إذا دنوتَ منه، وتعرَّفتَ ما عنده. انظر: لسان العرب (شمم ١٢/ ٣٢٦).
(٥) (أ، ق، غ، ز): «هو ومن نسيه».