بدعة وضلالة نشأت في الإسلام، بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع، ولاسيَّما إن أضيف إليه سوء القصد. فيتفق سوءُ الفهم في بعض الأشياء من المتبوع مع حسن قصده، وسوءُ القصد من التابع، فيا محنة الدين وأهله! ".
وقد عقد المؤلف الفصل الحادي والعشرين من كتابه "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" في بيان الأسباب الجالبة للتأويل. وذكر أربعة أسباب: اثنين من المتكلم واثنين من السامع، وهما سوء الفهم وسوء القصد. وقال: "فلما حدث بعد انقضاء عصرهم ــ يعني الصحابة ــ من ساء فهمه وساء قصده وقعوا في أنواع من التأويل بحسب سوء الفهم وفساد القصد ... وإذا تأملت أصول المذاهب الفاسدة رأيت أربابها قد اشتقوها من بين هذين الأصلين ... " (٥٠٠ - ٥١٠). وذكر في "شفاء العليل" من آثار القسوة تحريف الكلم عن مواضعه ثم قال: "وذلك من سوء الفهم وسوء القصد" (ص ١٠٦).
وفي زاد المعاد ذكر من فقه قصة قدوم وفد نجران "أن الكلام عند الإطلاق يحمل على ظاهره حتى يقوم دليل على خلافه ... " وأشار إلى إيراد النصارى على قوله تعالى: {يَاأُخْتَ هَارُونَ}[مريم: ٢٨]. قال: " ... فإيراده إيراد فاسد وهو إما من سوء الفهم أو سوء القصد". (٣/ ٦٤٤).
٥) من منهج ابن القيم في البحث أنه في المسائل الخلافية يستقصي الأقوال وحجج القائلين بها، ثم يناقشها قولًا قولًا بعرضها على الكتاب والسنة دون تعصب لهذا أو ذاك، وقد يقيم مناظرة بين الخصوم، فهذا يحتج على ذاك، ثم ذاك يرد على هذا، وهكذا حتى يظهر الصواب. ومن أمثلة ذلك