للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أنّ هذه الصَّعقةَ إنما هي بعد النفخة الثانية: نفخة البعث. ونصُّ القرآن يقتضي أن ذلك الاستثناءَ إنما هو بعد (١) نفخة الصَّعق. ولما كان هذا قال بعضُ العلماء: يَحتمِلُ أن يكون موسى ممن لم يمتْ من الأنبياء. وهذا باطلٌ (٢).

وقال القاضي عياض (٣): يحتمل أن يكون المرادُ بهذه صعقة فزعٍ بعد النشور حين تنشقُّ السماء والأرض. قال: فتستقلُّ الأحاديثُ والآيات (٤).

وردَّ عليه أبو العباس القرطبي، فقال (٥): يردُّ هذا قولُه في الحديث الصحيح: أنه حين يخرجُ من قبره يلقى موسى آخذًا بقائمةِ العرش. قال: وهذا إنما هو عند نفخةِ البعث (٦).

قال أبو عبد الله: وقال شيخنا أحمدُ بن عمر (٧): والذي يُزيح هذا الإشكالَ ــ إن شاء الله تعالى ــ أنّ الموتَ ليس بعدمٍ محض، وإنما هو انتقالٌ من حال إلى حال. ويدلُّ [٢٢ ب] على ذلك أن الشهداءَ بعد قتلهم وموتهم أحياءٌ عند ربهم، يُرزقون فرحين مستبشرين. وهذه صفةُ الأحياء في الدنيا. وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياءُ بذلك أحقَّ وأولى، مع أنه قد صحَّ عن


(١) (ب، ج): «هو تفسير». (ط): «هو بعد تفسير».
(٢) التذكرة (١/ ٤٥٩).
(٣) في إكمال المعلم (٧/ ٣٥٧)، والنقل من التذكرة.
(٤) (أ، ق، غ): «الآثار»، تحريف.
(٥) في المفهم (٦/ ٢٣٣)، والنقل من التذكرة.
(٦) في جميع النسخ: «نفخة الفزع». والصواب ما أثبتنا من المفهم، وكذا في التذكرة. وهو مقتضى السياق.
(٧) في المفهم (٦/ ٢٣٣ ــ ٢٣٤). والنقل من التذكرة (١/ ٤٥٩ ــ ٤٦١).