للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا من صعقة يوم القيامة، [٢٣ ب] كما قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: ٦٨]، ولم يقع الاستثناء من صعقة الخلائق يوم القيامة.

قيل: هذا ــ والله أعلم ــ غير محفوظ، وهو وَهَمٌ من بعض الرواة. والمحفوظ ما تواطأتْ عليه الرواياتُ الصحيحة من قوله: «فلا أدري أفاقَ قبلي أم جُوزي بصعقة الطور»، فظن بعضُ الرواة أنَّ هذه الصعقة هي صعقة النفخة، وأنَّ موسى داخلٌ فيمن استُثني منها. وهذا لا يلتئم على مَساق الحديث قطعًا، فإن الإفاقة حينئذ هي إفاقة البعث، فكيف يقول: لا أدري أَبُعِثَ قبلي؟ أم جُوزي بصعقة الطور؟ فتأمَّله.

وهذا بخلاف الصعقة التي يَصْعَقُها الخلائق (١) يوم القيامة إذا جاء الله سبحانه لفصل القضاء بين العباد، وتجلَّى لهم، فإنهم يَصعقون جميعًا. وأما موسى - صلى الله عليه وسلم - فإن كان لم يَصعق معهم فيكون قد حُوسِبَ (٢) بصعقته يوم تجلَّى ربُّه للجبل فجعله دكًّا، فجُعلت صعقةُ هذا التجلِّي عوضًا من صعقة الخلائق لتجلِّي الربّ يوم القيامة. فتأمل هذا المعنى العظيم.

ولو لم يكن في الجواب إلا كشفُ هذا الحديثِ وشأنه لكان حقيقًا أن يُعَضَّ عليه بالنواجذ. ولله الحمد والمنة. وبه (٣) التوفيق (٤).


(١) (ب، ط، ن، ج): «الناس».
(٢) (ب، ط، ن، ج): «جُوزي».
(٣) (ب، ط، ز، ج): «وبيده».
(٤) لم يرد ما بعد «بالنواجذ» في (ن).