للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحي (١).

ولا يمكن جواب هذه المسألة إلا على أصول أهل السنة التي تظاهرتْ عليها أدلةُ القرآن والسنة والآثار والاعتبار والعقل (٢)، والقولِ (٣): إنّها ذاتٌ قائمةٌ بنفسها تصعَدُ وتنزل، وتتصلُ وتنفصل، وتخرج وتذهب وتجيء، وتتحرك وتسكن. وعلى هذا أكثر من مئة دليلٍ قد ذكرناها في كتابنا الكبير في معرفة الروح والنفس (٤)، وبينَّا بطلانَ ما خالف هذا القول من وجوهٍ كثيرة، وأنَّ من قال غيرَه لم يعرف نفسَه.

وقد وصفها الله سبحانه وتعالى بالدخول والخروج والقبض والتوفي والرجوع وصعودها إلى السماء وفتحِ أبوابها لها وغَلْقها عنها، فقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: ٩٣]. وقال تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٢٧ ــ ٣٠] وهذا يقال لها عند المفارقة للجسد.

وقال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٧ - ٨]،


(١) في الأصل: «صفات سائر الحي»، سبق قلم.
(٢) «والعقل» ساقط من (ب).
(٣) «والقول» معطوف على «أصول». وقد ضبط في (ق، غ) بالكسر. وضبط في (ط) بالضم، وهو خطأ. وفي (ن): «فالقول ... تسكن وغير هذا عليه» وهو سياق فاسد.
(٤) ذكر المؤلف كتابه هذا في جلاء الأفهام (٢٩٨، ٣٧١) ومفتاح دار السعادة (٣/ ١٠٥) أيضًا. وفي (ن): «الأرواح والأنفس»، وفي (ب): «الأرواح والنفس».