للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد فسَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الحياةَ بأنّ «أرواحَهم في جوف طيرٍ خُضْرٍ، لها قناديلُ مُعلَّقة بالعرش، تسرحُ في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل. فاطَّلع عليهم ربهم اطّلاعةً فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أيَّ شيء نشتهي؟ ونحن نسرحُ من الجنة حيث شئنا، ففعل (١) بهم ذلك ثلاثَ مرات، فلما رَأَوا أنهم لن (٢) يُترَكوا من أن يسألوا قالوا: نريد أن تُرَدَّ أرواحُنا في أجسادنا، حتى نُقتَلَ في سبيلك مرةً أخرى» (٣).

وصحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم -: «أنّ أرواح الشهداء [٢٥ أ] في طيرٍ خُضْر تَعْلُقُ من ثمر الجنة» (٤). وتعلُق بضم اللام: أي تأكل العُلْقة (٥).

وقال ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لما أُصيب إخوانُكم بأُحد جعل الله أرواحَهم في أجوافِ طيرٍ خُضْر ترِدُ أنهارَ الجنة، وتأكلُ من ثمارها، وتأوي إلى قناديل (٦) من ذهب في ظلِّ العرش. فلما وجدوا طيبَ مَشربهم ومأكلهم وحسنَ مَقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا، لئلا يزهَدوا في الجهاد، ولا ينكُلوا (٧) عن الحرب. فقال الله عز وجل: أنا أُبلِّغهم


(١) (ب، ط، ن): «يفعل».
(٢) (ب، ط، ن): «لم».
(٣) أخرجه مسلم (١٨٨٧) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٤) أخرجه الترمذي من حديث مالك بن أبي كعب (١٦٤١) وقال: حديث حسن صحيح.
(٥) في هامش (ط): «العلقة: الشيء اليسير».
(٦) (ن): «قناديل معلقة».
(٧) (ن): «يتكلفوا»، تحريف.