للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «فيصعَدون بها فلا يمرُّون بها ــ يعني: على ملأ من الملائكة ــ إلا قالوا: ما هذا الرُّوحُ الطيِّب؟ (١) فيقولون: فلانُ بن فلان ــ بأحسن أسمائه التي كانوا يُسمونه به (٢) في الدنيا ــ حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيُفتَحُ له. فيُشيِّعه من كل سماء مقرَّبوها إلى السماء التي تليها، حتى يُنتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل (٣)، فيقول الله عز وجل: اكتُبوا [٢٦ أ]


(١) (ب، ط، ن، ج): «هذه الروح الطيبة».
(٢) «به» ساقط من (ب، ط، م، ن).
(٣) في (ن) بعد «فيها» فوق السطر: «أمر». يعني أن تأويل «فيها الله»: فيها أمر الله. وقد طغى بعض القراء فطمس في (م): «السماء التي فيها»، وكتب مكانها: «بين يدي»!

وفي (ط) طمس «فيها الله عز وجل» وكتب مكانها: «يسمع فيها الخطاب». وهذه جراءة غريبة على تغيير لفظ الحديث. وفي الحاشية العليا من (ق ٢٩/ب) من هذه النسخة تعليق منقول من كتاب التذكرة للقرطبي يفيد أن معنى «فيها الله»: فيها أمر الله وحكمه. وفيها تعليق طويل استغرق الحاشيتين اليمنى والسفلى من الصفحة المذكورة، والسفلى واليسرى من (ق ٣٠/أ). وهو بخط الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين رحمه الله. أوله: «يا عجبا لمحرّف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومغيِّر ألفاظه! كيف يصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه بأنه في السماء كما في حديث البراء المذكور، وكذلك حديث أبي هريرة الموافق لحديث البراء في إثبات الله سبحانه بأنه في السماء، وكذلك حديث الرقية المرفوع، وكذلك قوله للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء= فهذا أعلم الأمة بربه وأخشاهم يصف ربه بأنه في السماء ويشهد لمن وصفه بذلك بالإيمان، ونقل الصحابة ألفاظه للتابعين، ونقلها التابعون وبلّغوها لمن بعدهم كما سمعوها، وتداولها أهل الحديث وأئمة الإسلام، وأثبتوها في كتبهم وأقرُّوها على ظاهرها، وقالوا: أمِرّوها كما جاءت، وقالوا: تفسيرها قراءتها. فلمّا لم يتسع عطن هذا المعطِّل لذلك حمله تعطيله وجهله على أن غيَّر لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرَّفه. ولم يكتف بتغيير معناه مع إقرار لفظه كما يفعله الكثير كقول القرطبي في تأويل هذا الحديث. فلهذا المحرّف أوفر نصيب من مشابهة اليهود الذين يحرفون الكلم عن مواضعه. ففيه تصديق قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لتتبعن سنن من كان قبلكم».
ثم ردّ على تأويل القرطبي وغيره بأنه «باطل قطعًا فإن أمرَه وحكمه لا يختص بسماء دون سماء ولا بالسماء دون الأرض ... ومن توهم من قوله: إنه سبحانه في السماء أنه سبحانه داخل السماوات فهو جاهل ضال. وليس هذا بمراد من اللفظ ولا ظاهر فيه، إذ السماء يراد بها العلو، فكلُّ ما علا فهو سماء سواء كان فوق الأفلاك أو تحتها ... إلخ.