للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «فلَهِي أشدُّ كراهيةً للخروج من الجسد، من الولد حين يخرجُ من الرحم، فيبتدرونها، كلُّ ملكٍ منهم، أيُّهم يَقبِضها. فيتولَّى قبضها ملكُ الموت». ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١): {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة: ١١] «فيتلقَّاها بأكفانٍ بيض، ثم يحتضنها (٢) إليه، فلهو أشدُّ لزومًا لها من المرأة إذا ولدتها. ثم يفوح منها ريحٌ أطيبُ من المسك، فيستنشقون ريحَها، ويتباشرون بها (٣)، ويقولون: مرحبًا بالرِّيح الطيبة والرُّوح الطيِّبِ! اللهم صلِّ عليه رُوحًا، وصلِّ على جسدٍ خرجتْ منه».

قال: «فيصعَدون بها (٤). ولله عزَّ وجلَّ خلقٌ في الهواء لا يَعلَم عِدَّتهم إلا هو، فيفوح لهم منها ريحٌ أطيبُ من المسك، فيصلُّون عليها ويتباشرون بها. وتفتح لهم أبوابُ السماء، فيصلِّي عليها كلُّ ملك، في كلِّ سماء تمرُّ بهم، حتى يُنتهى بها (٥) بين يدي الملك الجبَّار. فيقول الجبّارُ: مرحبًا بالنفس الطيِّبة وبجسدٍ خرجتْ منه! وإذا قال الربُّ عزَّ وجلَّ للشيء: مرحبًا، رحُبَ (٦) له كلُّ شيء، ويذهب عنه كلُّ ضيق.

ثم يقول لهذه النفس الطيبة: أدخلوها الجنةَ، وأرُوها مقعدَها من الجنة،


(١) زاد في (ط): «قوله تعالى».
(٢) (ب، ط، ج): «فيحضنها».
(٣) «بها» لم يرد في (أ، غ).
(٤) زاد في (ط): «إلى السماء».
(٥) زاد في (ط): «إلى».
(٦) الضبط من (ط)، يعني: اتسع. وفي (ب): «وجب» تصحيف.