للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتسري إلى أبدانها نعيمًا أو عذابًا، كما تجري أحكام الدنيا على الأبدان، فتسري إلى أرواحها نعيمًا أو عذابًا.

فأحِطْ بهذا الموضع علمًا، واعرِفْه كما ينبغي، يزيل (١) عنك كلَّ إشكالٍ يُورَد عليك من داخل وخارج.

وقد أرانا الله سبحانه بلطفه ورحمته وهدايته من ذلك أنموذجًا في الدنيا من حال النائم، فإنَّ ما يُنَعَّم به أو يُعذَّب في نومه يجري على روحه أصلًا، والبدنُ تبع له؛ وقد يقوى حتى (٢) يؤثرَ في البدن تأثيرًا مشاهَدًا، فيَرى النائم في نومه (٣) أنه ضُرِب، فيُصبح، وأثرُ الضرب في جسمه. ويرى أنه قد أكل أو شرب، فيستيقظ، وهو يجد أثر الطعام والشراب في فيه، ويذهب عنه الجوع والظمأ.

وأعجبُ من ذلك أنك ترى النائم يقوم في نومه (٤)، ويضربُ، ويبطِش، ويدافع، كأنه يقظانُ، وهو نائم لا شعور له بشيء من ذلك. وذلك (٥) أنَّ الحكمَ لمَّا جرى على الروح استعانت بالبدن من خارجه، ولو دخلت فيه لاستيقظ وأحسَّ.

فإذا كانت الروح تتألَّم وتنعَم (٦) ويصل ذلك إلى بدنها بطريق الاستتباع،


(١) كذا غير مجزوم في جميع النسخ. وقد سبق نحوه في (ص ١٢٥).
(٢) (ق): «حين»، تحريف.
(٣) «في نومه» ساقط من (ن).
(٤) ما عدا (أ، ز، غ): «من نومه».
(٥) «وذلك» استدرك في حاشية الأصل عند المقابلة. ولم يرد في (ز). وفي غيرهما: «لأن» في موضع «وذلك أن».
(٦) ضبط في (ط) بضم التاء وتشديد العين. وفي النسخ المطبوعة: «تتنعم».