للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

داره بعد العصر بآمِدَ إلى بستانٍ. قال: فلمّا كان قبل غروب الشمس توسطتُ (١) القبورَ، فإذا بقبر منها، وهو جمرةُ نار مثلُ كُور الزجَّاج (٢)، والميتُ في وسطه. فجعلتُ (٣) أمسح عينيَّ، وأقول: أنائم أنا أم يقظانُ؟ قال: ثم التفتُّ إلى سور المدينة، وقلت: والله ما أنا بنائم. ثم ذهبت إلى أهلي، وأنا مدهوشٌ، فأتَوْني بطعام، فلم أستطع أن آكلُ. ثم دخلت البلد، فسألت عن صاحب القبر، فإذا به مَكَّاسٌ قد توفِّي ذلك اليوم (٤).

فرؤيةُ هذه النار في القبر كرؤية الملائكة والجنِّ تقع أحيانًا لمن شاء الله أن يُريه ذلك.

وقد ذكر ابن أبي الدنيا في «كتاب القبور» (٥) عن الشعبي أنّه ذكر


(١) (أ، غ): «توسط».
(٢) ضبطه من (غ). وكور الزجّاج: مَوقده لصهر الزجاج.
(٣) (ب، ط، ج): «وجعلت».
(٤) (ن): في ذلك اليوم. وقد نقل الحكاية من كتابنا هذا ابن رجب في أهوال القبور (٦٩).
(٥) برقم (٩٢)، ومن طريقه البيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٨٩، ٩٠)، وفي سنده مجالد وهو ابن سعيد الهمداني فيه ضعف، وهو مرسل. وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٠٤٧٨) بسنده عن مسلم (وهو ابن صُبَيْح أبو الضُّحى) نحوه ورجاله ثقات وهو مرسل أيضًا.
وجاء موصولًا عن ابن عمر رضي الله عنهما، رواه الطبراني في الأوسط (٦٥٦٠)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (١٧٣٩) من طريق عبد الله بن محمد بن المغيرة، عن مالك بن مغول، عن نافع عن ابن عمر قال: «بينا أنا أسير، بجنبات بدر إذ خرج رجل من الأرض ... » فذكره بنحوه، وفي سنده عبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي نزيل مصر، له ترجمة في لسان الميزان (٣/ ٣٣٢) قال أبو حاتم: «ليس بقوي»، وقال ابن عدي: «عامة ما يرويه لا يتابع عليه». لكنه توبع على هذا الحديث، فرواه أبو نعيم في أخبار أصبهان (١/ ٢٥٣) من طريق جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر. وإسناده لا بأس به في المتابعات.

وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه حسن لغيره. والله أعلم. (قالمي).