للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من خيار عباد الله، وكان يتحرَّى [٤٤ ب] الصدق. قال: جاء رجل إلى سوق الحدَّادين ببغداد، فباع مساميرَ صغارًا، المسمارُ برأسين. فأخذها الحدَّاد، وجعل يُحْمي عليها، فلا تلينُ معه حتى عجَز عن ضربها. فطلب البائعَ، فوجده، فقال: من أين لك هذه المسامير؟ فقال: لقيتُها. فلم يزل به حتَّى أخبره أنه (١) وجد قبرًا مفتوحًا، وفيه عظامُ ميِّتٍ منظومةٌ بهذه المسامير. قال: فعالجتُها على أن أُخرِجها، فلم أقدر، فأخذتُ حجرًا، فكسرتُ عظامه، وجمعتُها. قال: وأنا رأيت تلك المسامير. قلت له: فكيف صفتها؟ قال: المسمار صغير برأسين (٢).

قال ابن أبي الدنيا (٣): وحدَّثني أبي، عن أبي الحَريش (٤)، عن أمِّه قالت (٥): لما حفر أبو جعفر (٦) خندقَ الكوفة حوَّل الناسُ موتاهم، فرأينا


(١) ما عدا (أ، ق، غ): «بأنه»
(٢) نقله من كتاب الروح: ابن رجب في أهوال القبور (٦٨) وعلَّق عليه بقوله: «هذه الحكاية مشهورة ببغداد، وقد سمعتها وأنا صبي ببغداد، وهي مستفيضة بين أهلها». ونقله أيضًا السيوطي في شرح الصدور (٢٤٥). وتحرّف «منتاب» في الكتابين إلى «سنان».
(٣) في كتاب القبور (١٠٢).
(٤) كذا في (ن). وفي (ط): «الحرس». وفي (غ) بالجيم. وفي النسخ الأخرى: «الحريس». وفي مطبوعة القبور وشرح الصدور: «الجريش».
(٥) ما عدا (ق): «عن أبيه قال». والمثبت موافق لما في كتاب القبور وشرح الصدور (٢٣٨)، والأهوال (٦٨). ويظهر أنه كان كذا في الأصل، فغيَّره بعضهم.
(٦) تعني: المنصور الخليفة، وقد أمر بحفر خندق الكوفة سنة ١٥٥. البداية والنهاية (١٣/ ٤٣٥).