للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان جبريل يقرئ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدارسُه القرآن، والحاضرون لا يسمعونه.

وكيف يستنكر من يعرف (١) الله سبحانه ويُقِرُّ بقدرته، أن يُحدِثَ حوادثَ يَصرِفُ (٢) عنها أبصارَ بعض خلقه (٣)، حكمةً منه ورحمةً بهم؛ لأنّهم لا يطيقون رؤيتها وسماعَها؟ والعبد أضعفُ بصرًا وسمعًا من أن يثبُتَ لمشاهدة عذاب القبر. وكثيرٌ (٤) ممن أشهده الله ذلك صَعِق [٤٦ أ] وغُشي عليه، ولم ينتفع بالعيش زمنًا. وبعضهم (٥) كُشِف قناعُ قلبه، فمات. فكيف ينكَر في الحكمة الإلهية إسبالُ غطاء يحول بين المكلَّفين وبين مشاهدة ذلك، حتى إذا كُشِفَ الغطاءُ رأوه وشاهدوه عيانًا.

ثم إنّ العبد قادر على أن يزيل الزئبق والخردل عن عين الميِّت وصدره، ثم يردَّه بسرعة. فكيف يعجزُ عنه الملَك؟ وكيف لا يقدر عليه مَن هو على كل شيء قدير؟ وكيف (٦) تعجز قدرته عن إبقائه في عينيه وعلى صدره، لا


(١) (ن): «يعبد».
(٢) (ن): «تُصرَف».
(٣) (ن): «أبصار خلقه».
(٤) ما عدا (ن): «وكثيرًا» ولم يتبين لي وجه نصبه.
(٥) (ب، ط): «بالعيش وسأل بعضهم»، وهو تحريف طريف. والمصنف يشير إلى ما رواه ابن إسحاق في حديث شهود الملائكة غزوة بدر من قول الغفاري: « ... إذ دنت منّا سحابة، فسمعنا فيها حمحمة الخيل، فسمعتُ قائلًا يقول: أقدِمْ حَيزومُ. فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه، فمات مكانه، وأما أنا فكدت أهلِكُ، ثم تماسكتُ». سيرة ابن هشام (١/ ٦٣٣).
(٦) (ب، ط، ج): «فكيف».