للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خشيته. وقد أخبر عن الأرض والسماء أنهما يأذنان له، ــ وحُقَّ لهما (١) ذلك ــ أي (٢): يستمعان كلامه؛ وقد خاطبهما، فسمعا خطابه، وأحسنا جوابه، فقال لهما: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ١١]. وقد كان الصحابة يسمعون تسبيح الطعام، وهو يؤكل (٣). وسمعوا حنين الجذع اليابس في المسجد (٤) [٤٧ أ].

فإذا (٥) كانت هذه الأجسام فيها (٦) الإحساس والشعور، فالأجسام التي كانت فيها الروح والحياة أولى بذلك.

وقد أشهد الله سبحانه عباده في هذه الدار إعادةَ حياةٍ كاملة إلى بدن قد فارقته الروح، فتكلَّم، ومشى، وأكل وشرب، وتزوّج ووُلد له؛ كالذين {خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: ٢٤٣]، وكالذي {مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة: ٢٥٩]، وكقتيلِ بني


(١) (أ، ق، غ): «قولهما»، تحريف.
(٢) (ب، ط، ج): «أن».
(٣) يشير إلى حديث ابن مسعود الذي أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (٣٥٧٩).
(٤) انظر ما أخرجه البخاري في كتاب المناقب من حديث ابن عمر (٣٥٨٣) وجابر بن عبد الله (٣٥٨٤، ٣٥٨٥).
(٥) سياق الكلام: «وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل في الجمادات شعورًا وإدراكًا ... فإذا كانت هذه الأجسام». طال الفصل بين إذا وجوابها فأعاد «فإذا كانت ... ».
(٦) (أ، غ): «منها».