للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتُّون من النار لأصاب جسدَه من نعيم البرزخ ورَوحه نصيبُه وحظُّه، فيجعل الله النارَ على هذا بردًا وسلامًا، والهواءَ على ذلك (١) نارًا وسَمُومًا. فعناصرُ العالم وموادُّه منقادة لربِّها وفاطرِها وخالقها، يُصَرِّفُها كيف يشاء (٢). ولا يستعصي عليه منها شيء أراده، بل هي طوع مشيئته، مذلَّلةٌ منقادةٌ لقدرته. ومَن أنكر هذا فقد جحدَ ربَّ العالمين، وكفر به، وأنكر ربوبيته.

فصل

الأمر التاسع (٣): أن الموت معادٌ وبعث أوَّل، فإنَّ الله سبحانه جعل لابن آدم معادَين وبعثَين، يجزي فيهما الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.

فالبعث الأول: مفارقةُ الروح للبدن، ومصيرها إلى دار الجزاء (٤) الأول.

والبعث الثاني: يومَ يردُّ الله الأرواح إلى أجسادها، ويبعثُها من قبورها إلى الجنة أو إلى النار، وهو الحشر الثاني. ولهذا في الحديث الصحيح: «وتؤمن بالبعث الآخر» (٥)، فإنَّ البعث الأول لا ينكره أحد، وإن أنكر كثير من الناس الجزاء فيه والنعيم والعذاب.


(١) (ط): «هذا».
(٢) (ط): «شاء».
(٣) كذا في (ن، غ). وهو الصواب. ومما يستغرب أن الأصل الذي استمرّ على الصواب من الأمر الأول إلى الثامن أخطأ هنا وساير النسخ الأخرى.
(٤) (ن): «الحشر»، تصحيف. وانظر في تفسير «البعث الأول»: فتح الباري (١/ ١١٨).
(٥) أخرجه البخاري في التفسير (٤٧٧٧) ومسلم في الإيمان (٩) من حديث أبي هريرة.