للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا نظير قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فيفتح له طاقةٌ إلى النار، فيأتيه من حرِّها وسَمومها» (١). ولم يقل: فيأتيه حرُّها وسمومها، فإنَّ الذي وصل إليه بعض ذلك، وبقي له أكثر. والذي ذاقه أعداء الله في الدنيا بعضُ العذاب الأدنى، وبقي لهم ما هو أعظم منه.

ومنها: قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٨٣ ــ ٩٦] (٢)، فذكر هاهنا أحكامَ الأرواح عند الموت، وذكر في أول السورة أحكامها يوم المعاد الأكبر (٣)، وقدَّم ذلك على هذا تقديم الغاية (٤)، إذ هي أهم وأولى بالذكر. وجعلهم عند الموت ثلاثةَ أقسام، كما جعلهم في الآخرة ثلاثة أقسام.

ومنها: قوله تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} (٥) [الفجر: ٢٧ ــ ٣٠]. وقد اختلف السلف


(١) سبق تخريجه في المسألة السادسة.
(٢) في (ن) اكتفى الناسخ بكتابة الآيات إلى «المقربين» ثم قال: «إلى آخرها».
(٣) ما عدا (أ، غ): «الآخرِ». وانظر: المسألة الرابعة عشرة، وطريق الهجرتين (٤٢٠).
(٤) زاد في (ق): «للقائه».
(٥) هنا أيضًا أثبت ناسخ (ن) الآيتين ٢٧ ــ ٢٨ ثم قال: إلى آخر الآية.