للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمنع الماعون، ويشتغل بعيوب الناس عن عيبه، وبذنوبهم عن ذنبه.

= فكلُّ هؤلاء وأمثالُهم يعذَّبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسَبِ كثرتها وقلِّتها، وصِغَرها وكِبَرها (١).

ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذَّبين، والفائزُ منهم قليل. فظواهر القبور تراب، وبواطنها (٢) حسرات وعذاب. ظواهرُها بالتراب والحجارة المنقوشة مَبْنِيَّات، وفي باطنها الدواهي والبَلِيَّات، تغلي بالحسرات، كما تغلي القدور بما فيها. ويحِقّ لها، وقد حيل بينها وبين شهواتها وأمانيها.

تالله لقد وعظَتْ، فما تركت لواعظٍ مقالًا، ونادت: يا عُمَّار الدنيا لقد أعمرتم (٣) دارًا موشكة بكم زوالًا، وخرَّبتم دارًا أنتم مسرعون (٤) إليها انتقالًا. عمَّرتم بيوتًا لغيركم منافعُها وسُكنْاها، وخرّبتم بيوتًا ليس لكم مساكنُ سواها: هذه دار الاستيفاء (٥)، ومستودعُ الأعمال، وبَيدَر الزرع (٦).


(١) (أ، ق، غ): «صغيرها وكبيرها».
(٢) ما عدا (أ، ق، غ): «فظاهر ... وباطنها».
(٣) ما عدا (أ، غ): «عمرتم. ثم جاءت السجعتان: «زوالًا» وانتقالًا في (ب، ط) بعد «سواها».
(٤) (ب، ن): «تسرعون».
(٥) كذا في جميع النسخ. والمراد بها المساكن التي خرّبوها، وهي مساكن البرزخ والدار الآخرة. فلمَّا توهم ناشرو الكتاب أن المراد بهذه دار الدنيا، وبما بعدها دار الآخرة، غيَّر كثير منهم «الاستيفاء» إلى «الاستباق»، وزادوا واوًا قبل «محلّ العبر».
(٦) كذا في جميع النسخ. وغيّره الناشرون لوهمهم المذكور إلى «بذر».