للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ريح عاصف. فجاءه حسنُ ظنِّه بالله عز وجلّ، فسكَّن رُوعَه (١)، ومضى.

ورأيتُ رجلًا من أمتي يزحَفُ (٢) على الصراط، ويَجثو (٣) أحيانًا، ويتعلّق أحيانًا. فجاءته صلاتُه عليَّ، فأقامته على قدميه، وأنقذتُه.

ورأيتُ رجلًا من أمتي انتهى إلى باب الجنة (٤)، فَغُلِّقت الأبوابُ دونه. فجاءته «أشهد (٥) أن لا إله إلا الله» ففَتحَتْ له الأبوابَ، وأدخلَتْه الجنة» (٦).


(١) في حاشية الأصل إشارة إلى أن في نسخة: «رعدة».
(٢) (ق، ج): «يرجف»، تصحيف.
(٣) ما عدا (أ، ق، غ): «يحبو».
(٤) ما عدا (أ، غ): «أبواب».
(٥) ما عدا (أ، غ): «شهادة».
(٦) ومن هذا الوجه أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (١١٦٥)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٤/ ٤٠٦ ــ ٤٠٧). وسيأتي تعليق المصنف رحمه الله على هذه الرواية.
وأخرجه بحشل في تاريخ واسط (ص ١٦٩ ــ ١٧٠)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (٤٩)، والطبراني في الأحاديث الطوال (٣٩ ــ آخر المعجم الكبير)، وعبد الملك بن بشران في الأمالي (٢٥٠)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (٥٢٦)، وابن حبان في المجروحين (٣/ ٤٣ ــ ٤٤)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (١٦٨٢، ٢٥١٨)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١١٦٦) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، به. بطوله إلا الخرائطي وابن حبان وابن الجوزي فببعضه.
وأخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (١٣٢٩) من طريق ابن أبي فديك، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن سعيد بن المسيب، به، بطوله.
وله طرق أخرى غير هذه لكن لا تخلو من صاحب مناكير أو مجهول لا يعرف، وقد تتبعها ودرسها وتكلم على رواتها محقق كتاب «الوابل الصيب» الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن قائد فجزاه الله خيرًا وخلص إلى ضعف الحديث، وسبقه إلى ذلك العلامة الألباني رحمه الله في «السلسلة الضعيفة» (١٠٨٤)، وقبلهما الحافظ ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢/ ٢١١) فقال: «هذا حديث لا يصح».

ومع ذلك فقد كان بعض أهل العلم يعظِّم شأنه، كما ذكر المصنّف ذلك عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وأورده في الوابل الصيب (ص ١٩٩)، فقال: «هذا الحديث العظيم الشريف القدر الذي ينبغي لكل مسلم أن يحفظه فنذكره بطوله لعموم فائدته وحاجة الخلق إليه»، ثم نقل عن شيخ الإسلام بنحو ما نقله عنه ههنا، وقال أبو عبد الله القرطبي في التذكرة (٢/ ٥٩٥): «هذا حديث عظيم؛ ذكر فيه أعمالًا خاصة تنجي من أهوال خاصة». وقال المناوي في فيض القدير (٣/ ٣٤) معلقًا على كلام المصنف فيما نقله عن شيخ الإسلام أن أصول السنة تشهد له: «ورونق كلام النبوة يلوح عليه، وهو من أحسن الأحاديث الطوال، ليس من دأب المصنف إيرادها في هذا الكتاب (يعني السيوطي في الجامع الصغير) لكنه لكثرة فوائده وجموم فرائده وأخذه بالقلوب اقتحم مخالفة طريقته فأورده إعجابًا بحسنه وحرصًا على النفع به». قلت: وعلى هذا المعنى يُنزَّل قول أبي موسى المديني رحمه الله: «هذا حديث حسن جدًا» لا أنه أراد به الحسن الاصطلاحي، فتنبه.
ولا ريب أنَّ كلَّ كلام ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حسن عظيم، ولكن ليس كلُّ كلام حسن جميل يضاف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما ذكر ابن الجوزي في مقدمة كتابه الموضوعات (١/ ٤١ ــ ٤٢) عن قوم استجازوا وضع الأسانيد لكل كلام حسن، ونقله عنه الشيخ اللكنوي في الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة (ص ١٦) وعلَّق عليه بقوله: «زعمًا منهم أن الحسن كله أمر شرعي لا بأس بنسبته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يفهموا أن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - حسن صادق، وعكس الكلية لا يصدق؛ فلا يصح كون كلّ حسن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فنسبته إليه كذب» اهـ. (قالمي).