للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرَض من أعراض البدن كحياته وإدراكه، فتُعدَم بموت البدن، كما تُعدَم سائرُ الأعراض المشروطة بحياته. وهذا قولٌ مخالفٌ لنصوص القرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين، كما سنذكر ذلك إن شاء الله. والمقصود: أنَّ عند هذه الفرقة المبطِلة مستقَرّ الأرواح بعد الموت العدمُ المحض.

وقالت فرقة: مستقرُّها بعد الموت أبدان أُخَر تُناسب أخلاقها وصفاتها التي اكتسبتها في حال حياتها، فتصيرُ كلُّ روح إلى بدن حيوانٍ يشاكِلُ تلك الأرواحَ. فتصيرُ النفس السَّبُعيّةُ إلى أبدان السباع، والكَلبيةُ إلى أبدان الكلاب، والبهيميةُ إلى أبدان البهائم، والدنيَّة السُّفليَّة (١) إلى أبدان الحشرات. وهذا قول التناسُخيَّة منكري المعاد [٦٠ أ] وهو قول خارج عن أقوال أهل الإسلام كلّهم.

فهذا ما تلخَّص لي من جميع (٢) أقوال الناس في مصير أرواحهم بعد الموت، ولا تظفر (٣) به مجموعًا في كتاب واحد غير هذا (٤) البتَّة. ونحن نذكر مآخذ هذه الأقوال، وما لكل قول وما عليه، وما هو الصواب من ذلك الذي دلَّ عليه الكتاب والسنَّة، على طريقتنا التي مَنَّ الله بها، وهو مَرجوُّ الإعانة (٥) والتوفيق.


(١) (ق): «والسفلية».
(٢) كذا في (أ، ن). وهي ساقطة من (غ). وفي غيرها: «جمع».
(٣) (ب، ط، ن): «يظفر» وضبطت الياء في (ط) بالضم.
(٤) (ق): «واحد هكذا».
(٥) (ب، ط، ج): «المرجو للاعانة». وقد تحرّف «المرجو» في (ن) إلى «الموجد».