وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هل الميت يسمع كلام زائره، ويرى شخصه؟
فأجاب: "الحمد لله رب العالمين. نعم يسمع الميت في الجملة"، واستدل من الأدلة السابقة بالثالث، فالثاني، فالرابع، فالأول، ثم بما جاء في السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علي ... " الحديث، وما جاء فيها من قوله: "إن الله وكَّل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام".
ثم قال: "فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي، ولا يجب أن يكون السمع له دائمًا، بل قد يسمع في حال دون حال، كما قد يعرض للحي، فإنه قد يسمع أحيانًا خطاب من يخاطبهم، وقد لا يسمع لعارض يعرض له. وهذا السمع سمع إدراك، ليس يترتب عليه جزاء، ولا هو السمع المنفي بقوله:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل: ٨٠] فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال. فإن الله جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه، وكالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفقه المعنى. فالميت وإن سمع الكلام وفقه المعنى فإنه لا يمكنه إجابة الداعي ولا امتثال ما أمر به ونهى عنه، فلا ينتفع بالأمر والنهي. وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي وإن سمع الخطاب وفهم المعنى كما قال تعالى:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}[الأنفال: ٢٣].