للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرواحهم في الجنّة، فكلُّها حقٌّ، وهي لا تدلُّ على انتفاءِ دخول أرواح المؤمنين الجنَّة، ولاسيَّما الصدِّيقين الذين هم أفضلُ من الشهداء بلا نزاع (١) بين الناس. فيقال لهؤلاء: ما تقولون في أرواح الصدِّيقين، هل هي في الجنة أم لا؟ فإن قالوا: إنَّها في الجنة ــ ولا يسوغ لهم غير هذا القول ــ قيل: فثبت أنَّ هذه النصوص لا تدلُّ على اختصاص أرواح الشهداء بذلك.

وإن قالوا: ليست في الجنة، لزمهم من ذلك أن تكون أرواحُ سادات الصحابة كأبي بكر الصدِّيق (٢) وأُبَيِّ بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وأبي الدرداء، وحذيفة بن اليمان وأشباههم ليست في الجنة؛ وأرواحُ شهداء زماننا في الجنة. وهذا معلومُ البُطلانِ ضرورةً.

فإن قيل: فإذا كان هذا حكم (٣) لا يختصُّ بالشهداء، فما الموجِبُ لتخصيصهم بالذكر في هذه النصوص؟

قيل: تخصيصهم بالذكر في هذه النصوص دلَّ على (٤) التنبيه على فضل الشهادة وعلوِّ درجتها، وأنَّ هذا مضمون لأهلها ولا بدَّ، وأنَّ لهم منها أوفرَ نصيب. فنصيبُهم (٥) من هذا النعيم في البرزخ أكملُ من نصيب غيرهم


(١) (ب، ط): «فلا نزاع»، تصحيف.
(٢) (ق): «كأبي بكر وعمر». وانظر ما يأتي في (ص ٣٣٢).
(٣) كذا في جميع النسخ. وفي (ج): «حكمًا»، ولكن الظاهر أنه إصلاح.
(٤) «قيل ... دلَّ» مستدرك في طرّة الأصل بخط ناسخه، وفي صلب المتن في (غ). والعبارة ساقطة من غيرهما، إلا أن بعض قراء (ط) غيّر «على» إلى «قلت». وفي متن (ن) في موضعها: «قلنا»، فاستقام الكلام.
(٥) ما عدا (ب، ط): «فيصيبهم»، تصحيف.