للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في كتابه (١) في شرح حديث ابن عمر: «إن أحدكم إذا مات عُرِض عليه مقعدُه بالغداة والعشي»: وقد استدل به من ذهب إلى أنَّ الأرواح على أفنية القبور. وهو (٢) أصح ما ذهب إليه في ذلك من طريق الأثر، ألا ترى أنَّ الأحاديث الدَّالَّة على ذلك ثابتة متواترة، وكذلك أحاديث السلام على القبور.

قلت: يريد بالأحاديث المتواترة مثلَ حديث ابن عمر هذا، ومثل حديث البراء بن عازب الذي تقدَّم (٣)، وفيه: «هذا مقعدُك حتى يبعثك الله يوم القيامة»، ومثلَ حديث أنس: «إن العبد إذا وُضِع في قبره وتولّى عنه أصحابُه إنه لَيسمع قرْعَ نعالهم»، وفيه: أنه يرى مقعدَه من الجنة والنار، وأنه يُفسَح للمؤمن في قبره سبعين ذراعًا، ويضيَّق على الكافر (٤)؛ ومثلَ حديث جابر: «إن هذه الأمة تُبتلَى في قبورها، فإذا دخل المؤمن قبرَه وتولَّى عنه أصحابه أتاه ملك ... » الحديث، وأنه يرى مقعده من الجنة فيقول: «دعوني أبشِّرْ أهلي، فيقال له: اسكن، فهذا مقعدك أبدًا» (٥). ومثلَ سائر أحاديث عذاب القبر ونعيمه التي تقدَّمتْ (٦)، ومثلَ أحاديث السلام على أهل القبور، وخطابهم، ومعرفتِهم بزيارة الأحياء لهم (٧). وقد تقدَّم ذكرُ ذلك كلِّه (٨).


(١) التمهيد (١٤/ ١٠٩).
(٢) (ن): «وهذا».
(٣) هذا اللفظ من حديث ابن عمر، ولم أجده عن البراء.
(٤) سبق في المسألة الملحقة بالسادسة (ص ١٥٧).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٦٧٤٤) بهذا اللفظ.
(٦) في المسألة الملحقة بالسادسة.
(٧) «لهم» ساقطة من (ن).
(٨) في المسألة الأولى.