للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العباد ما أحبَّ أن يُريَه، وكان المرأ (١) في اليقظة عاقلاً ذكيًّا صَدوقًا لا يلتفت في يقظته إلى شيء من الباطل= رجع إليه روحُه، فأدَّى إلى قلبه الصِّدقَ مما أراه الله عزَّ وجلَّ على حسب خلقه. وإن كان خفيفًا نَزقًا يُحبُّ الباطل والنظرَ إليه، فإذا نام وأراه الله أمرًا من خيرٍ أو شرٍّ= رجعت روحُه إليه، فحيثما رأى شيئًا من مخاريق الشيطان أو الباطل وقفتْ روحُه عليه، كما تقف في يقظته، فكذلك يؤدي (٢) إلى قلبه، فلا يعقل ما رأى؛ لأنه خَلَطَ الحقَّ بالباطل، فلا يمكن معبِّرًا (٣) أن يعبِّر له، وقد خلط الحق بالباطل (٤).

وهذا من أحسن الكلام، وهو دليل على معرفة قائله (٥) وبصيرته بالأرواح وأحكامها. وأنت ترى الرجل يسمع العلم والحكمة وما هو أنفع شيء له، ثم يمرُّ بباطل ولهو من غناءٍ أو شبهة (٦) أو زور أو غيره، فيصغي إليه، ويفتحُ له قلبه حتى يتأدَّى (٧) إليه، فيتخبَّط عليه ذلك الذي سمعه (٨) مع العلم والحكمة، ويلتبس (٩) عليه الحقُّ بالباطل.


(١) (ق): «الرائي».
(٢) (أ، ق، ن): «لا يؤدي». والمثبت من غيرها ومجموع الفتاوى.
(٣) ما عدا (ج): «معبِّرٌ»، وهو خطأ.
(٤) «فلا يمكن ... بالباطل» ساقط من (ب). وانظر النصَّ في مجموع الفتاوى (٥/ ٣٥٧).
(٥) في (ط، ن) غيّر بعضهم إلى «قابليته»!
(٦) في (ب، ج): «شبه»، وفي (ط) بالمهملة وتشديد الباء.
(٧) (ب، ط، ج): «يبادر». (ن): «يُنادى» وكلاهما تصحيف.
(٨) (ب، ن، ج): «يسمعه».
(٩) (ن): «يُلبس».