للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَن يقول منهم: إن العَرَض لا يبقى زمانين ــ كما يقوله (١) أكثر الأشعرية ــ فمِن قولهم: إنَّ روحَ الإنسان الآن هي غيرُ روحه قبلُ، وهو لا ينفكُّ تحدث له روحٌ ثم تُغَيَّر، ثم روحٌ ثم تغيَّر (٢)، هكذا أبدًا، فتُبدَّل له ألفُ روح فأكثر في مقدار ساعة (٣) من الزمان فما دونها. فإذا مات فلا روحَ (٤) تصعد إلى السماء، وتعودُ إلى القبر وتقبضُها الملائكة، ويستفتحون لها أبواب السماوات، ولا تُنعَّم، ولا تُعذَّب. وإنما ينعَّم ويعذَّب الجسد. إذا شاء الله تنعيمه وعذابه (٥) ردَّ إليه الحياة في وقت يريد نعيمه وعذابه، وإلا فلا روح هناك قائمة بنفسها البتَّة.

وقال بعض أرباب هذا القول: تُرَدُّ الحياة إلى عَجْب الذَّنَب، فهو الذي يعذَّب وينعَّم حَسْبُ. وهذا قولٌ يردُّه الكتاب والسنَّة، وإجماع الصحابة، وأدلَّة العقول والفِطَر (٦). وهو قول مَن لم يَعرِف روحَه، فضلاً عن روح غيره. وقد خاطب الله سبحانه النفس بالرجوع والدخول والخروج، ودلَّت النصوص الصحيحة الصريحة (٧) على أنها تصعد وتنزل، وتُقبَض وتُمْسَك،


(١) (ط): «يقول».
(٢) في الفصل ابن حزم (٢/ ٣٢٠): «ثم تفنى» في الموضعين.
(٣) (ط): «ساعاته»، خطأ.
(٤) «روح» لم يرد في (أ، غ).
(٥) (ق، غ): «تنعيمه وتعذيبه». (ب، ط، ج): «تعذيبه وتنعيمه». (ن): «نعيمه وتعذيبه».
(٦) ما عدا (ب، ط، ج): و «الفِطَن والفِطَر». والظاهر أن «الفطر» تحرَّف إلى «الفطن» ثم جُمع بينهما.
(٧) النصوص التي أشار المصنف إليها فيما يأتي قد سبقت، ثم تأتي مرة أخرى في المسألة التاسعة عشرة.