للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمِّكِ». وهذا اللفظُ للبخاريِّ وحده تعليقًا (١).

وعن بُرَيدة قال: بينَا أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ أتته امرأةٌ فقالت: إنِّي تصدَّقتُ على أمِّي بجارية، وإنِّها ماتت. فقال: «وجَبَ أجرُكِ، ورَدَّها عليك الميراثُ». قالت: يا رسول الله، إنه كان عليها صومُ شهرٍ، أفأصوم عنها؟ قال: «صومي عنها». قالت: إنِّها لم تحُجَّ قطُّ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: «حُجِّي عنها». رواه مسلم (٢). وفي لفظ: صوم شهرين (٣).

وعن ابن عباس أنَّ امرأة ركبت البحر، فنذرتْ إن نجَّاها الله (٤) أن تصوم شهرًا (٥). فنجَّاها الله، فلم تصم حتى ماتت. فجاءت بنتُها أو أختها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرها أن تصوم عنها. رواه أهل السنن والإمام أحمد (٦).

وكذلك رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - وصولُ ثوابِ بدلِ الصوم، وهو الإطعام. ففي السنن عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات وعليه صيامُ شهر، فلْيُطعَمْ عنه لكلِّ يومٍ مسكينٌ». رواه الترمذي، وابن ماجه. قال الترمذي: ولا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، والصحيح عن ابن عمر قولُه موقوفًا (٧).


(١) بل هذا اللفظ في صحيح مسلم (١١٤٨ ــ ١٥٦).
(٢) برقم (١١٤٩ ــ ١٥٧).
(٣) صحيح مسلم (١١٤٩ ــ ١٥٨).
(٤) كذا في (أ، غ). وهو لفظ أبي داود. وفي غيرهما: «إن الله نجّاها».
(٥) (ب، ط): «شهرها».
(٦) في المسند برقم (١٨٦١)، وأخرجه أبو داود (٣٣٠٨)، والبيهقي في الكبرى (٤/ ٢٥٦) وإسناده صحيح.
(٧) أخرجه الترمذي (٧١٨)، وابن ماجه (١٧٥٧)، وابن خزيمة (٢٠٥٦)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٥٤) من طريق أشعث، عن محمد، عن نافع، عن ابن عمر.

وفي إسناده أشعث هو ابن سوّار الكندي وهو ضعيف كما في التقريب. ومحمد جاء مهملاً ونُسب في ابن ماجه «ابن سيرين». قال المزيّ في التحفة (٦/ ٢٢٧): «وهو وهمٌ». والصواب ما قاله الترمذي: «هو عندي ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى» ويؤيده أن شريكًا القاضي رواه عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع، به، بنحوه. أخرجه البيهقيّ، وكذا ابن خزيمة (٢٠٥٧) إلا أنه قال: «ابن أبي ليلى» وهذه علة أخرى؛ لأن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وإن كان صدوقًا فهو سيئ الحفظ جدًا، كما في التقريب. ولذلك قال ابن خزيمة: «إن ثبت الخبر، فإن في القلب من هذا الإسناد». وثمّة علة ثالثة وهي مخالفته لأصحاب نافع الثقات، فقد رووه عنه من قول ابن عمر موقوفًا، كما أشار إلى ذلك الترمذي ونقله عنه المصنف رحمه الله.
والموقوف خرّجه البيهقي (٤/ ٢٥٤) ثم قال: «هذا هو الصحيح موقوف على ابن عمر، وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع فأخطأ فيه». ثم ساق روايته السابقة.
وسيأتي قول المصنف رحمه الله بأن المرفوع باطل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قالمي)