للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فينتفي ملزومُه. وصورتها هكذا: لو نفعه عملُ الغير عنه لنفعه إسلامُه وتوبتُه عنه، لكن لا ينفعه ذلك، فلا ينفعه عملُ الغير.

والصورة الثانية: أن يقال: لا يَنتفع بإسلامِ الغير وتوبته عنه، فلا [٨٦ أ] ينتفعُ بصلاته وصيامه وقراءته عنه.

ومعلومٌ أن هذا التلازمَ والاقتران باطلٌ قطعًا.

أمَّا أولاً، فلأنه قياسٌ مصادمٌ لما تظاهرت به النصوص وأجمعت (١) عليه الأمة.

وأمَّا ثانيًا، فلأنه جمع بين ما فرَّق الله بينه، فإنَّ الله سبحانه فرَّق بين إسلام المرء عن غيره، وبين صدقته وحجِّه وعِتقه عنه، فالقياسُ المسوِّي (٢) بينهما من جنس قياس الذين قاسوا الميتة على المذكَّى والربا على البيع.

وأما ثالثًا، فإن الله سبحانه جعل الإسلام سببًا لنفع المسلمين بعضهم بعضًا في الحياة وبعد الموت، فإذا لم يأت بسبب انتفاعه بعمل المسلمين لم يحصل له ذلك النفع؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو: «إن أباك لو كان أقرَّ بالتوحيد، فصُمْتَ، أو تصدَّقتَ عنه= نفعه ذلك» (٣).

وهذا كما جعل سبحانه الإسلام سببًا لانتفاع العبد بما عمل من خير، فإذا فاته هذا السبب لم ينفعه خيرٌ عمله ولم يُقبَل منه، كما جعل الإخلاص والمتابعة سببًا لقبول الأعمال، فإذا فُقِدا لم تُقبَل الأعمال. وكما جعل


(١) (ط): «اجتمعت».
(٢) (ب، ط): «المستوي».
(٣) سبق تخريجه في (ص ٣٦١).