للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا هو نفس المذهب والدعوى، فكيف تحتجُّون به؟ ومن أين لكم هذا الفرق؟ فأيُّ كتابٍ، أم أيُّ سُنَّة، أم أيُّ اعتبار دلَّ عليه حتى يجب المصير [٨٦ ب] إليه.

وقد شرع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصومَ عن الميت مع أنَّ الصومَ لا تدخله النيابة. وشرع للأمَّة أن ينوب بعضهم عن بعض في أداء فرض الكفاية، فإذا فعله واحدٌ ناب عن الباقين في فعله، وسقطَ عنهم المأثم. وشرع لقيِّم الطفل الذي لا يعقل أن ينوب عنه في الإحرام وأفعال المناسك، وحكم له بالأجر بفعل نائبه (١). وقد قال أبو حنيفة: يُحرِم (٢) الرُّفْقَة عن المغمَى عليه، فجعلوا إحرامَ رفقته بمنزلة إحرامه (٣). وجعل الشارعُ إسلامَ الأبوين بمنزلة إسلام أطفالهما، وكذلك إسلامُ السابي والمالك على القول المنصور (٤).

فقد (٥) رأيت كيف عَدَّت هذه الشريعة الكاملة أفعالَ البِرِّ من فاعلها إلى غيرهم، فكيف يليقُ (٦) بها أن تحجُرَ على العبد أن ينفعَ والديه ورَحِمَه وإخوانه من المسلمين، في أعظم أوقات حاجاتهم، بشيء من الخير والبرِّ


(١) يشير إلى حديث ابن عباس الذي أخرجه مسلم (١٣٣٦).
(٢) (ط، ن): «تحرم».
(٣) انظر: الهداية (١/ ١٥١).
(٤) انظر: إعلام الموقعين (٢/ ٦٧ - ٦٩). وفي بعض النسخ المطبوعة: «المنصوص» موضع «المنصور»، ولعله من تغيير الناشرين.
(٥) (ق): «وقد».
(٦) «فكيف» ساقط من (ب). وفي (ج): «أيليق».