للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحيى بن زكريَّا، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قالت قريشٌ لليهود: أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجلَ. فقالوا: سلوه عن الروح. فنزلت {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآية [الإسراء] (١).

وهذا يُخالف الروايةَ (٢) الأخرى عنه وحديثَ ابن مسعود.

وعن ابن عباس رواية ثالثة. قال هُشَيم (٣): ثنا أبو بشر، عن مجاهد، عن


(١) أخرجه الترمذي (٣١٤٠)، والنسائي في الكبرى (١١٣١٤)، والإمام أحمد (٢٣٠٩) من طريق قتيبة بن سعيد.
وأبو يعلى (٢٥٠١). وعنه ابن حبان (٩٩)، وأبو الشيخ في العَظَمة (٤٠٣) من طريق مسروق بن المرزبان.
والحاكم (٢/ ٥٣١) وعنه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٢٦٩) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري ثلاثتهم عن يحيى بن زكريا، به. بمثله.
وإسناده صحيح، وصحَّحه الترمذي والحاكم.

وأما قول المصنف رحمه الله بأن هذه الرواية تخالف الرواية الأخرى عن ابن عباس، فيمكن ترجيح رواية الجماعة عن يحيى بن زكريا وهي أن السؤال وقع من قريش في مكة. كما يمكن الجمع بين حديث ابن عباس هذا وبين حديث ابن مسعود الذي دلّ على أن السؤال وقع بالمدينة من اليهود، وذلك بحملهما على تعدد النزول، وهذا المسلك له نظائر كثيرة في أسباب النزول، وهو أولى من تضعيف الروايات وتوهيم الثقات إذا سلم من التعسف والتكلف. وكأن الحافظ ابن حجر يميل إلى هذا المسلك حيث قال: «ويمكن الجمع بأن يتعدد النزول بحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك، وإن ساغ هذا وإلا فما في الصحيح أصح». فتح الباري (٨/ ٤٠١). (قالمي)
(٢) (ط): «مخالف للرواية».
(٣) (ق): «هشام»، خطأ.