للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنفخ في بطون الحوامل من المؤمنين والكفار. فإن الله سبحانه وكَّل بالرحمِ ملَكًا ينفخُ الروح (١) في الجنين، فيكتب (٢) رزقَ المولود، وأجله، وعمله، وشقاوته وسعادته (٣). وأما هذا الروح المرسَل إلى مريم، فهو روح الله الذي اصطفاه من الأرواح لنفسه، فكان لمريم بمنزلة الأب لسائر النوع، فإنَّ نفخته لما دخلتْ في فرجها كان ذلك بمنزلة لقاح (٤) الذكر للأنثى من غير أن يكون هناك وطء.

وأما ما اختصَّ به آدم، فهو أنه لم يُخلَق كخلقة المسيح من أمٍّ، ولا كخلقة سائر النوع من أب وأمّ، ولا كان الروح الذي نفخ الله فيه منه هو الملك الذي ينفخ الروحَ في سائر أولاده. ولو كان كذلك لم يكن لآدم فيه (٥) اختصاص. وإنما ذكر في الحديث ما اختُصَّ به على غيره، وهو أربعة أشياء: خلقُ الله له بيده، ونفخُه فيه من روحه، وإسجادُ ملائكته له، وتعليمُه أسماءَ كل شيء. فنفخُه فيه من روحه يستلزم نافخًا، ونَفْخًا، ومنفوخًا منه. فالمنفوخ منه هو الروح المضافة إلى الله، فمنها سرَت النفخة في طينة آدم، والله تعالى هو الذي نفخ في طينته من تلك الروح.

هذا هو الذي دلَّ عليه النصُّ. وأمَّا كونُ النفخةِ بمباشرةٍ منه سبحانه كما


(١) «الروح» ساقط من (ط).
(٢) (ب، ج): «ويكتب».
(٣) كما في حديث عبد الله بن مسعود. أخرجه البخاري (٣٣٣٢، ٧٤٥٤) ومسلم (٢٦٤٣).
(٤) (ب): «إلقاح».
(٥) (ق): «به». وهو ساقط من (ب، ط، ج، ن).