للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال للملائكة: اشهدوا، فقالوا: شهدنا.

قال: وزعم بعض أهل العلم أن الميثاقَ إنما أُخِذ على الأرواح دون الأجساد، لأنَّ (١) الأرواح هي التي تعقل وتفهم، ولها الثواب وعليها العقاب، والأجساد مَواتٌ (٢) لا تعقل ولا تفهم.

قال: وكان إسحاق بن راهويه يذهب إلى هذا المعنى، وذكر أنه قول أبي هريرة. قال إسحاق: وأجمعَ أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد، استنطقهم، وأشهدهم.

قال الجرجاني: واحتجوا بقوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩]. والأجسادُ قد بَلِيت وضلَّت (٣) في الأرض، والأرواح تُرزَق وتَفرح، وهي التي تلَذُّ وتألم، وتفرح وتحزن (٤)، وتَعرفُ وتُنكر. وبيانُ ذلك في الأحلام موجودٌ: أنَّ الإنسان يصبح، وأثرُ لذة الفرح وألم الحزن باقٍ في نفسه مما (٥) تلقى الروح دون الجسد.

قال: وحصل (٦) الفائدة في هذا الفصل أنه سبحانه قد أثبت الحجَّةَ على


(١) (ط، ن): «وأن».
(٢) (ن): «مقامات»، تحريف.
(٣) (ق): «صليت». (ب): «صارت». وكلاهما تحريف.
(٤) «وتفرح وتحزن» ساقط من (ب، ج).
(٥) (ن، غ): «بما».
(٦) كذا في (أ، ق، ب، ج، غ). وكذا في البسيط للواحدي (٩/ ٤٤٩). وفي (ط): «جعل» تصحيف. وفي (ن) والنسخ المطبوعة: «حاصل» ولعله إصلاح. وفي تفسير الخازن (٢/ ٢٦٨): تحصل. وقد يكون الصواب: «مُحصَّل».