للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحسن بن يحيى الجرجاني (١): فإن اعترض معترِضٌ في هذا الفصل بحديث يُروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله مسَح [١١٠ أ] ظهرَ آدم، فأخرج منه ذريته، وأخذ عليهم العهد، ثم ردَّهم في ظهره» (٢)، وقال: إنَّ هذا مانع من جواز التأويل الذي ذهبتَ إليه، لامتناع ردِّهم في الظَّهر إن كان أخذ الميثاق عليهم بعد البلوغ وتمام العقل.

قيل له: إنَّ معنى «ثم ردَّهم في ظهره»: ثم يردُّهم في ظهره (٣)، كما قلنا: إن معنى {أَخَذَ رَبُّكَ}: يأخذ ربك. فيكون معناه: ثم يردُّهم في ظهره بوفاتهم، لأنهم إذا ماتوا رُدُّوا إلى الأرض للدفن، وآدمُ خلق منها ورُدَّ فيها، فإذا رُدُّوا فيها فقد رُدُّوا في آدم وفي ظهره (٤)؛ إذ كان آدمُ خُلِق منها وفيها رُدَّ، وبعضُ الشيء من الشيء. وفيما ذهبتم إليه من (٥) تأويل هذا الحديث على ظاهره تفاوتٌ بينه وبين ما جاء به القرآن في هذا المعنى، إلا أن يُرَدَّ تأويلُه إلى ما ذكرناه؛ لأنه عزَّ وجلَّ قال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهمْ} (٦) [الأعراف: ١٧٢]. ولم يذكر آدمَ في القصة، إنما هو هاهنا مضاف إليه لتعريف ذريته أنهم منه وأولادُه. وفي الحديث: أنه مسح ظهرَ آدم، فلا يمكن ردُّ ما جاء في القرآن وما جاء في الحديث إلى الاتِّفاق إلا بالتأويل


(١) صاحب «نظم القرآن»، وقد سبقت ترجمته.
(٢) سبق في (ص ٤٨٦).
(٣) «ثم يردهم في ظهره» ساقط من (أ، ط، غ).
(٤) (ب، ج): «ظهر آدم».
(٥) ساقط من (ب، ج).
(٦) انظر التعليق في الصفحة السابقة.