للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: هو قول جمهور الخلق الذين عرفَ الرازي أقوالَهم من أهل البدع وغيرهم من المضلِّين (١)، وأما أقوال الصحابة والتابعين وأهلِ الحديث فلم يكن له بها شعورٌ البتَّةَ، ولا اعتقد أن لهم في ذلك قولاً، على عادته في حكاية المذاهب الباطلة في المسألة. والمذهبُ الحقُّ الذي دلَّ عليه القرآن والسنة وأقوال الصحابة لم يعرفه ولم يذكره (٢). وهذا الذي نسبه إلى جمهور الخلق، من أن الإنسان هو هذا البدنُ المخصوص فقط وليس وراءه شيء، هو من أبطل الأقوال في المسألة، بل هو أبطَلُ من قول ابن سينا وأتباعه. بل الذي عليه جمهور العقلاء أن الإنسان هو البدن والروح معًا. وقد يُطلق اسمه على أحدهما دون الآخر بقرينة (٣).


(١) (ب، ط، ج): «المتكلمين».
(٢) سيورد المصنف بعد تعقيبه هذا بقية كلام الرازي. وقد ذكر فيه أقوال القائلين بأن الإنسان عبارة عن جسم مخصوص موجود في داخل هذا البدن. والقول السادس منها أنه جسم نوراني علوي إلخ. وقال المصنف عنه: إنه هو الصواب في المسألة، وعليه دلَّ الكتاب والسُّنَّة وإجماعة الصحابة إلخ. فكيف يصحّ قوله هنا: إنّ الرازي لم يعرف المذهب الحق ولم يذكره؟
(٣) يقول الرازي في كتاب النفس والروح (٥٠): «النفس قد يراد بها المعنى المشار إليه بقوله (أنا)، وقد يراد بها الجثة المحسوسة والهيكل المشاهد».