للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلان، وإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - جالس على أكَمة، ومعه أبو بكر، وعمرُ واقف قدَّامَه [١٢٤ ب]. فقال له عمر: يا رسول الله، إنَّ هذا يشتمني ويشتم أبا بكر. فقال: جِئْ به يا أبا حفص. فأتَى برجل، فإذا هو العُمانيُّ، وكان مشهورًا بسبِّهما، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أضْجِعْه، فأضجَعَه. ثم قال: اذبحه، فذبحه. قال: فما نبَّهني إلا صياحُه (١). فقلت: ما لي لا أخبره، عسى أن يتوب! فلما تقرَّبتُ من منزله سمعتُ بكاءً شديدًا، فقلتُ: ما هذا البكاء؟ فقالوا: العمانيُّ ذُبِح البارحةَ على سريره. قال: فدنوتُ من عنقه، فإذا من أذنه إلى أذنه طريقةٌ حمراءُ كالدم (٢) المحصور.

وقال القيرواني (٣): أخبرني شيخ لنا من أهل الفضل قال: أخبرني أبو الحسن المطلبي إمام مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رأيت بالمدينة عجبًا. كان رجل يسُبُّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فبينا نحن يومًا من الأيام بعد صلاة الصبح، إذ أقبل رجل (٤)، وقد خرجت عيناه، وسالتا على خديه. فسألناه: ما قصَّتك؟ فقال: رأيت البارحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليٌّ بين يديه، ومعه أبو بكر وعمر؛ فقالا: يا رسول الله، هذا الذي يؤذينا ويسُبُّنا. فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَن أمرك بهذا يا أبا قيس؟ فقلت له: عليٌّ، وأشرتُ إليه. فأقبل عليٌّ عليَّ بوجهه ويده، وقد ضمَّ أصابعَه، وبسَطَ السبَّابةَ والوسطى، وقصد بهما إلى عينيَّ، فقال لي: إن كنتَ كذبتَ،


(١) (ب، ج): «صاحبه»، تحريف.
(٢) في الأصل: «كالدوا»، ولعله تحريف.
(٣) العابر صاحب كتاب البستان. ولم أجد الخبر في موضع آخر.
(٤) ما عدا (أ، ق، غ): «الرجل».