للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نقول: أتدَّعون (١) أنَّا إذا عقلنا شيئًا فإنَّ الصورة الحاضرة في العقل مساويةٌ لذلك المعقول من جميع الوجوه والاعتبارات، أو لا يجب حصولُ هذه المساواة من جميع الوجوه؟ فالأول لا يقوله عاقل، وهو أظهرُ من أن يحتجَّ لفساده. وإذا عُلِم (٢) أنه لا تجب المساواة من جميع الوجوه لم يلزم من حدوث صورة أخرى في القلب والدماغ اجتماعُ [١٣٥ ب] المثلين.

وأيضًا فالقوةُ العاقلُة حالّةٌ في جوهر القلب أو الدماغ، والصورةُ الحادثةُ حالّةٌ في القوة العاقلة. فإحدى الصورتين محلٌّ للقوة العاقلة، والثانية حالّةٌ فيها؛ فلمَ لا يكفي هذا القدر (٣) من المغايرة؟

وأيضًا: فنحن إذا رأينا المسافة الطويلة والبُعدَ الممتدَّ، فهل يتوقف هذا الإبصار على ارتسام صورة المرئيِّ في عين الرائي، أو لا يتوقف؟

فإن توقَّف لزم اجتماعُ المثلين؛ لأن القوة الباصرة عندكم جسمانية، فهي في محلٍّ له حجم ومقدار، فإذا حصل فيه حجمُ المرئي ومقدارُه لزم اجتماعُ المثلين، وإذا جاز هناك فلمَ لا يجوز مثلُه في مسألتنا؟


(١) اضطربت النسخ في هذا الموضع اضطرابًا شديدًا، ولعل السبب أن لام «نقول» كانت مشبوكة في أصل المؤلف بهمزة الاستفهام، فقرؤوها: «لا تدعون»، كما في الأصل و (ق، ز، ن). وبعض النساخ اجتهد في إصلاح العبارة فلم يفلح. ففي (ب، ط): «لا يدعون إلا إذا». وفي (ج): «ألا تدعون»، وكذا في الطبعة الهندية. وفي (غ): «لا تدعون إذًا إذا». والصواب ما أثبتنا. وكذا في نشرتي العموش وبديوي، ولكن لم يُشر أحد منهما إلى ما وقع في النسخ التي اعتمدا عليها.
(٢) (ب، ط): «واعلم»، وهو تحريف.
(٣) (ب، ط): «فلا تكفي هذه الصور»، تحريف.