للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بجملتها (١). فهذا منعُ (٢) المقدمة التلازمية. وأما الاستثنائية، فلا نسلِّم أنها لا يصحُّ أن تعلمَ بعضَها حال غفلتها (٣) عن البعض الآخر، ولم تذكروا (٤) على بطلانِ ذلك شبهةً فضلًا عن دليل.

ومن المعلوم أن الإنسان قد يشعر بنفسه من بعض الوجوه دون كلِّها. ويتفاوتُ الناس في ذلك، فمنهم من يكون شعوره بنفسه أتمَّ من غيره بدرجات كثيرة.

وقد قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر: ١٩]. فهؤلاء نسُوا نفوسهم لا من جميع الوجوه، بل من الوجه الذي به مصالحُها وكمالُها وسعادتُها، وإن لم ينسَوها من الوجه الذي منه شهوتُها وحظُّها (٥) وإرادتُها. فأنساهم مصالحَ نفوسهم أن يفعلوها ويطلبوها، وعيوبَها ونقائصَها (٦) أن يُزيلوها (٧) ويجتنبوها، وكمالَها الذي خُلقت له أن يعرفوه ويطلبوه. فهم جاهلون بحقائق أنفسهم من هذه الوجوه، وإن كانوا عالمين بها من وجوه أُخَر.


(١) هذا في (ب، ط، ج). وفي غيرها: «بجهلها»، تحريف. والجملة «فمتى شعرت .. » إلى هنا ساقطة من (ن).
(٢) (ب، ط، ج): «يمنع».
(٣) ما عدا (ج، ن، ز): «عقلها»، تصحيف.
(٤) كذا في (غ). والأصل غير منقوط. وفي غيرهما: يذكروا.
(٥) رسمها في (أ، ق، ط) بالضاد، فتحرف في (ب، ج، ن، ز) إلى «غضبها».
(٦) بعدها في الأصل زيادة: «أوشي» وكذا في (ق، ب، غ). ولم أدر ما هو.
(٧) (ط، ز): «يتركوها».