للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرجت نفسه التي يعقِل بها الأشياء، ولم تفارق الجسد، بل تخرج كحبلٍ ممتدٍّ له شعاع، فيرى الرؤيا بالنفس التي خرجت منه. وتبقى الحياة والروح في الجسد، فبه (١) يتقلب ويتنفَّس. فإذا حُرِّك رجعَتْ إليه أسرعَ من طرفة عين، فإذا أراد الله عزَّ وجلَّ أن يميته في المنام أمسك تلك النفس التي خرجَتْ.

وقال أيضًا: إذا نام خرجت نفسه، فصعدت إلى فوق، فإذا رأت الرؤيا رجعَتْ، فأخبرت الروح، ويخبرُ الروح القلب، فيصبح يعلمُ أنه قد رأى كيتَ وكيتَ.

قال أبو عبد الله بن منده (٢): ثم اختلفوا في معرفة الروح والنفس. فقال بعضهم: النفس طينية ناريَّة، والروح نوريَّة روحانية. وقال بعضهم: الروح لاهوتية، والنفس [١٤٣ ب] ناسوتية، وإنَّ الخلق بها ابتُلي.

وقالت طائفة، وهم أهل الأثر: إنَّ الروحَ غيرُ النفس، والنفسَ غيرُ الروح، وقوامُ النفس بالروح. والنفسُ صورةُ العبد، والهوى والشهوةُ والبلاءُ معجونٌ (٣) فيها. ولا عدوَّ أعدى لابن آدم من نفسه، فالنفس لا تريد إلا الدنيا، ولا تحب إلا إياها. والروح تدعو إلى الآخرة، وتؤثِرُها. وجُعِل الهوى تَبَعًا للنفس، والشيطانُ مع (٤) النفس والهوى، والملك مع العقل


(١) يعني ببقاء الحياة والروح. والأصل غير منقوط، والمثبت من (ب). وفي غيرهما: فيه. وفي شرح الصدور (٤١٦): «فيهما». وصوابه: «فبهما»، أي بالحياة والروح.
(٢) في كتاب النفس والروح كما سبق.
(٣) (ب): «يعجنون». وفي غيرها: «يعجون». ولعل الصواب ما أثبتنا من النسخ المطبوعة.
(٤) (أ، غ، ق): «تبع».