للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمداد الباطل من الأماني الكاذبة والشهوات المهلكة. ويستعينُ عليها بهواها وإرادتها (١)، فمنه يَدخُل عليها، ويُدخِل عليها كلَّ مكروه. فما استعان على النفوس بشيء هو أبلغُ من هواها وإرادتها البتة (٢). وقد علَّم ذلك إخوانَه (٣) من شياطين الإنس، فلا يستعينون على الصُّوَر (٤) الممنوعة منهم بشيء أبلغَ من هواهم وإرادتهم، فإذا أعيتهم صورة طلبوا بجهدهم ما تحبُّه وتهواه، ثم طلبوا بجدهم تحصيله، فاصطادوا به تلك الصور. فإذا فَتَحت لهم النفسُ باب الهوى دخلوا منه، فجاسُوا خلال الديار، فعاثوا وأفسدوا، وفَتَكوا وسَبَوا، وفعلوا ما يفعله العدو ببلاد عدوه إذا تحكَّم فيها. فهدَموا معالمَ الإيمان والقرآن والذكر والصلاة، وخرَّبوا المساجد، وعمروا البِيَع والكنائس والحانات والمواخير. وقصدوا إلى المَلِك، فأسروه، وسلبوه ملكه، ونقلوه من عبادة الرحمن إلى عبادة البغايا والأوثان، ومن عزِّ الطاعة إلى ذلِّ المعصية، ومن السماع الرَّحماني إلى السماع الشيطاني، ومن الاستعداد للقاء ربِّ العالمين إلى الاستعداد للقاء إخوان الشياطين. فبينا هو يراعى حقوقَ الله وما أمَرَه به، إذ صار يرعى الخنازير! وبينا هو منتصب لخدمة العزيز الرحيم، إذ صار منتصبًا لخدمة كلِّ شيطان رجيم!

والمقصود أن الملَك قرينُ النفس المطمئنة، والشيطان قرين الأمَّارة. وقد روى أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن مُرَّة، عن عبد الله قال:


(١) في الأصل: «إراداتها»، ولعله سهو.
(٢) ما عدا (ب، ج، غ): «إليه». وكذا في النسخ المطبوعة. وهو ساقط من (ز).
(٣) الضبط من (ط، ن).
(٤) ما عدا (أ، ق، غ): «الصورة».