للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للاستغاثة بغير الله عند المبتدعة (١)، فضاق الشيخ بما ذهب إليه ابن القيم، فأنكره، وشك في نسبة الكتاب نفسه إلى ابن القيم إلا أن يكون قد ألّفه قبل اتصاله بشيخ الإسلام.

يقول الشيخ: "وأغرب ما رأيت لهم من الأدلة قول ابن القيم رحمه الله في الروح (ص ٨) تحت المسألة الأولى: هل تعرف الأموات بزيارة الأحياء وسلامهم أم لا؟ فأجاب بكلام طويل جاء فيه ما نصه ... ".

ثم نقل قول ابن القيم: "ويكفي في هذا تسميته المسلِّم عليهم زائرًا، ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرًا؛ فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال: زاره. هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم. وكذلك السلام عليهم أيضًا، فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلِّم محال. وقد علّم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا: "سلام عليكم أهل الديار ... وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب، ويعقل ويرد، وإن لم يسمع المسلِّم الردّ".

وعقب الشيخ على ذلك قائلًا: "رحم الله ابن القيم، فما كان أغناه عن الدخول في مثل هذا الاستدلال العقلي، الذي لا مجال له في أمر غيبي كهذا؛ فوالله لو أن ناقلًا نقل هذا الكلام عنه ولم أقف أنا بنفسي عليه لما صدقته لغرابته، وبعده عن الأصول العلمية، والقواعد السلفية، التي تعلمناها منه، ومن شيخه الإمام ابن تيمية؛ فهو أشبه شيء بكلام الآرائيين والقياسيين الذي يقيسون الغائب على الشاهد، والخالق على المخلوق، وهو قياس باطل فاسد، طالما ردّ ابن القيم أمثاله على أهل الكلام والبدع؛ ولهذا وغيره


(١) الآيات البينات (ص ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>