للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه: «أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مُقِسط متصدِّق، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفِّف ذو عيال» (١).

والصدِّيقُ إنما فَضَلَ الأمَّةَ (٢) بما كان في قلبه من الرحمة العامة زيادةً على الصدِّيقيَّة، ولهذا ظهر (٣) أثرُها في جميع مقاماته، حتى في الأسارى يوم بدر، واستقرَّ الأمر على ما أشار به (٤). وضرَب له النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلًا بعيسى وإبراهيم (٥).


(١) جزء من حديث طويل أخرجه مسلم (٢٨٦٥) عن عياض بن حمار المجاشعي.
(٢) (ط): «هذه الأمة».
(٣) في الأصل: «اظهر»، ولعله سهو. وكذا في (ق).
(٤) انظر حديث عمر في صحيح مسلم (١٧٦٣).
(٥) أخرجه الإمام أحمد (٣٦٣٢)، وابن أبي شيبة (٣٧٨٤٥)، وابن جرير الطبري في تفسيره (١١/ ٢٧٣ ــ ٢٧٤) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما تقولون في هؤلاء الأسرى» الحديث. وفيه: «إنَّ مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام، قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: ٣٦]، ومثلك يا أبا بكر كمثل عيسى، قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٨]».
وأخرجه أبو يعلى (٥١٨٧)، والطبراني في الكبير (١٠٢٥٨، ١٠٢٥٩)، والحاكم (٣/ ٢١ - ٢٢) من طرق أخرى عن الأعمش به، بنحوه.
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد». كذا قال! وفيه نظر؛ لأن رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرسلة على الصحيح.
ولما أخرج الترمذي (١٧١٤) الحديث من طريق أبي معاوية به، مقتصرًا على طرفه الأول، قال: «وهذا حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه». وإنما حسَّنه لما له من الشواهد التي أشار إليها بقوله: «وفي الباب عن عمر، وأبي أيوب، وأنس، وأبي هريرة».

ثم وجدت لبعضه شاهدًا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (١٤٢٤)، وابن عدي في الكامل (٣/ ١٧١)، وأبو الشيخ في الأمثال (٣١٠)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٢٥١٣)، وأبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٠٤). وفيه سعيد بن عجلان ذكره ابن حبان في الثقات (٦/ ٣٦٠) وقال: «يخطئ ويخالف». ورباح بن أبي معروف مختلف فيه وهو إلى الضعف أقرب. (انظر: تهذيب التهذيب ٣/ ٢٠٤) على أن ابن عدي أورد له جملة أحاديث منها حديثه هذا ثم ختم ترجمته بقوله: «ولرباح أحاديث غير ما ذكرت وما أرى برواياته بأسًا ولم أجد له حديثًا منكرًا».
وله شاهد آخر عن أمّ سلمة رضي الله عنها، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (٧١٥) ج (٢٣) وفي سنده ضعف.
وبالجملة فالحديث بهذه الشواهد يرتقي إلى الحسن والله أعلم. (قالمي).