للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذاتٍ واحدةٍ، وقالوا: هي الله الذي لا إله إلا هو. وقال صاحب فصوصهم وواضع نصوصهم: «واعلم أنَّ الأمر قرآن، لا فرقان» (١).

ما الأمرُ إلا نسقٌ واحد ... ما فيه من مدحٍ ولا ذمِّ

وإنَّما العادةُ قد خصَّصتْ ... والطبعُ والشارعُ بالحكمِ (٢)

والمقصود أن أرباب البصائر هم أصحاب الفرقان، فأعظم الناس فرقانًا بين المشتبهات أعظم الناس بصيرةً. والتشابه يقع في الأقوال والأعمال والأحوال والأموال والرجال، وإنما أُتي أكثرُ أهل العلم من المتشابهات في ذلك كلِّه. ولا يحصل الفرقان إلا بنورٍ يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده، يرى في ضوئه حقائق الأمور، ويمِّيز بين حقها وباطلها، وصحيحها وسقيمها {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٤٠].

ولا تستطِلْ هذا الفصل، فلعلَّه من أنفع فصول الكتاب، والحاجةُ إليه شديدةٌ، فإن رزقك الله فيه بصيرةً خرجتَ منه إلى فرقانٍ أعظم منه. وهو: الفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد [١٧٣ ب] المعطِّلين، والفرق بين تنزيه الرسل وتنزيه أهل التعطيل، والفرق بين إثبات الصفات والعلوِّ والتكلم


(١) فصوص الحكم (١/ ٧٠). [يكنون بالقرآن عن رؤية التفرقة بعين الجمع، وهي أكمل مقامات العارفين عندهم. انظر: «لطائف الإعلام» للقاشاني (٢/ ٥٦١، ٥٨١)]. قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين من التعليق ليس في المطبوع، وهو ثابت في الأصل الوارد من «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا.
(٢) أنشدهما المصنف في طريق الهجرتين (٥٦٦) أيضًا. وقد نسبهما شيخ الإسلام في الفتاوى (٢/ ٩٩) إلى القاضي تلميذ صاحب الفصوص.