للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فكل ما جاء في القرآن من الثناء على مؤمني الأديان السابقة، اليهود والنصارى وغيرهم، فإنما يراد به من اتصف بوصف الإسلام العام وربما أضيف إلى ذلك وصف الإيمان باليوم الآخر، ووصف العمل الصالح، ممن لم يدرك رسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أو أدركها وآمن به، وكل ما جاء من الذم والوعيد في شأن اليهود والنصارى، فالمراد به من خالف ذلك وحرَّف وابتدع) (١).

خامسًا: دلت القاعدة على وحدة دين جميع الأنبياء والرسل، ولذا من آمن برسول منهم لزمه الإيمان بجميع الرسل، ومن كذب بواحد منهم لزمه تكذيب بقية الرسل؛ لأن أصل وقاعدة دعوتهم واحدة.

يقول الشيخ الأمين الشنقيطي (٢) باسطًا القول في تقرير ذلك:

"التحقيق في الجواب: أن من كذب رسولًا واحدًا فقد كذب جميع المرسلين، ومن كذب نذيرًا واحدًا فقد كذب جميع النذر؛ لأن أصل دعوة جميع الرسل واحدة، وهي مضمون: لا إله إلا اللَّه كما أوضحه تعالى بقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦] وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء: ٢٥] وقوله تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)} [الزخرف: ٤٥] ".

وأوضح تعالى أن من كذب بعضهم فقد كذب جميعهم في قوله


(١) انظر: دعوة التقريب بين الأديان (٢/ ٦٤٢ - ٦٤٣).
(٢) هو: محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد بن نوح الجكني الشنقيطي الفقيه الأصولي، المفسر، السلفي. من مصنفاته: أضواء البيان، ومنع جواز المجاز، ودفع إيهام الاضطراب والمذكرة. توفي -رَحِمَه اللّه- سنة ١٣٩٣ هـ. [انظر ترجمته في: ترجمة ملحقة بأضواء البيان (١٠/ ١٨)، للشيخ عطية محمد سالم، والأعلام للزركلي (٦/ ٤٥)].