للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول -رَحِمَه اللّه-: "وكان استقبال الشام ذلك الوقت من دين الإسلام ... ثم لما نسخ صار دين الإسلام هو الناسخ، وهو الصلاة إلى الكعبة، فمن تمسك بالمنسوخ دون الناسخ فليس هو على دين الإسلام، ولا هو متبع لأحد من الأنبياء، ومن بدل شرع الأنبياء وابتدع شرعًا فشرعه باطل لا يجوز اتباعه، كما قال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١] م ولهذا كفر اليهود والنصارى؛ لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ، واللّه أوجب على جميع الخلق أن يؤمنوا بجميع كتبه ورسله، ومحمد خاتم الرسل، فعلى جميع الخلق اتباعه واتباع ما شرعه من الدين ... " (١).

ب - على التسليم بأن دينهم الإسلام العام، فهل بقوا أو استمروا على هذا الوصف، أم أنهم خرجوا عنه، وحرفوه وبدلوه، وابتدعوا دينًا لم يأذن به اللَّه كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢١)} [الشورى: ٢١].

يقول الإمام ابن تيمية: "فابتدعت اليهود والنصارى ما ابتدعوه مما خرج بهم عن دين اللَّه الذي أمروا به وهو الإسلامِ العام، ولهذا أمرنا أن نقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} [الفاتحة: ٦، ٧] ... وكل من هاتين الأمتين خرجت عن الإسلام، وغلب عليها أحد ضديه، فاليهود يغلب عليهم الكبر ويقل فيهم الشرك، والنصارى يغلب عليهم الشرك ويقل فيهم الكبر" (٢).

وبهذا يعلم أن اليهود والنصارى وغيرهم من الملل والأديان ليسوا على شيء من الإسلام أصلًا، بل هم على دين الكفر والشرك، وعليه


(١) المصدر نفسه (٣٥/ ٣٦٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٦٢٤).