للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستسلام للّه بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، وطاعة كل نبي في وقته هي دين الإسلام الذي ارتضاه اللَّه تعالى، وأمر عباده به، فدين الإسلام في عهد موسى هو الاستسلام للّه بالتوحيد، والانقياد له بطاعة نبيه موسى -عَلَيْهِ السَّلَام-، فإذا جاء عيسى -عَلَيْهِ السَّلَام- كان دين الإسلام الاستسلام للّه، والانقياد له بطاعة نبيه عيسى -عَلَيْهِ السَّلَام- وهكذا، فإذا بعث خاتم النبيين وإمام المرسلين محمد بن عبد اللَّه - عَلَيْهِ السَّلَام -، كان دين الإسلام هو الاستسلام للّه بالتوحيد، والانقياد له بطاعة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعندئذٍ فلا تكون طاعة موسى ولا عيسى ولا أحد من الأنبياء من دين الإسلام بعد بعثة خاتم الرسل محمد - صلى الله عليه وسلم -.

يقول الإمام ابن تيمية: "وكذلك شريعة التوراة في وقتها كانت من دين الإسلام، وشريعة الإنجيل في وقتها كانت من دين الإسلام، ومن آمن بالتوراة ثم كذب بالإنجيل خرج من دين الإسلام، وكان كافرًا، وكذلك من آمن بالكتابين المتقدمين وكذب بالقرآن كان كافرًا خارجًا من دين الإسلام، فإن دين الإسلام يتضمن الإيمان بجميع الكتب وجميع الرسل" (١).

فأصبح (الإسلام)، و (دين الإسلام)، منذ بعثة النَّبِيّ محمد وإلى أن يرث اللَّه الأرض ومن عليها اسمًا خاصًا بمن آمن بالنبي الكريم، واتبعه، وصدقه في جميع أقواله وأخباره، وكل من خالفه فلم يؤمن به ولا اتبعه كان كافرًا خارجًا عن دين الإسلام.

يقول الإمام ابن تيمية: "فإن الإسلام الخاص الذي بعث اللَّه به محمدًا -صلى الله عليه وسلم- المتضمن لشريعة القرآن ليس عليه إلا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم - والإسلام اليوم عند الإطلاق يتناول هذا، وأما الإسلام العام المتناول لكل شريعة بعث اللَّه بها نبيًا فإنَّه يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء" (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ١٥٠).
(٢) المصدر نفسه (٣/ ٩٤).