للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبارك وتعالى، وإن اختلفت الشرائع وتباينت المناهج وتعددت المشارب.

رابعًا: استدل بهذه القاعدة الشرعية العظيمة قوم ممن لا خلاق لهم على دعوة باطلة خاطئة آثمة، ألا وهي الدعوة لـ (وحدة الأديان السماوية)، أو ما يسميه البعض بـ (دعوة التقريب بين الأديان) زعموا، وما هذه إلا شعارات جوفاء، أرادوا بها تلميع باطلهم، وترويجه على العامة، وإلا فحقيقة أمرهم شقاق ونفاق ودعوة جاهلية، وردة ظاهرة لا مرية فيها، ونقض لأصول الإسلام العظام، وثوابته اليقينية، وتمييع لأسسه ومرتكزاته، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد، ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، فالجميع إخوان يجمعهم رب واحد، وأديانهم متساوية لا فضل لدين على دين، وهؤلاء الدعاة لمثل هذا الكفر البواح، والردة الصريحة ممن تحقق فيهم وصف النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- في الحديث بأنهم: "دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوها فيها" (١).

فحقيقة هذه الدعوة أن كل الأديان، من يهودية ونصرانية هم من أهل السعادة والنجاة في الآخرة كالمسلمين لكن بشرط إيمانهم باللّه وباليوم الآخر، ولا يشترط في سعادتهم وفلاحهم في الآخرة إيمانهم بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.

ومن هذا المنطلق استدلوا بهذا الأصل الذي تضمن وحدة دين جميع الأنبياء، قاصدين افتراء وتلبيسًا بأن أهل الكتاب وجميع من آمن باللّه وباليوم الآخر يشملهم الإسلام بمعناه العام، والملة المشتركة، وفيما يأتي أذكر ما يدل على نقض هذه الشبهة المتهالكة.

أ - علمنا مما سبق أن الدين المشترك هو الإسلام العام، وهو


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة (٦/ ٢٥٩٥)، برقم (٦٦٧٣)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين (٣/ ١٤٤٧٥)، برقم (١٨٤٧)، من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-.