للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: باعتبار المعنى اللغوي (١) الذي يحمل معنى العادة، والاعتقاد ومطلق الطاعة والانقياد، لكن يقيد في هذه الحالة فيقال: (دين النصرانية)، أو (دين اليهودية).

يقول الرازي (٢): "الدين المطلق في اصطلاح أهل الإسلام والقرآن هو الإسلام، قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} أما سائر المذاهب فلا تسمى دينًا إلا بضرب من التقييد، كدين النصارى واليهود" (٣).

وبذلك يظهر جواز إطلاق لفظ الدين بما سبق من ضوابط، وهو في ذلك يشبه إطلاق لفظ الإله والآلهة على ما يعبد من دون اللَّه تعالى، مع أن اللَّه هو الإله الواحد الحق المبين؛ وذلك باعتبار تأليههم لها (٤).

وقاعدة: دين الأنبياء واحد هو دين الإسلام أفادت بمفهوم المخالفة أن ما يقابل دين الأنبياء من المذاهب والنحل والعقائد والملل، التي واجهت بها تلك الأمم أنبياءها، وحاربتهم بها على مرّ تلك العصور والأزمان تمثل دينًا واحدًا كذلك؛ هو دين الشرك وملة الكفر وعبادة غير اللَّه تبارك وتعالى، فجميع ملل الكفر، على اختلاف أنواعها، وتباين ضلالها وتعدد مسمياتها يجمعها دين واحد هو دين الكفر والشرك باللّه


(١) ذكر الباقلاني في كتابه "تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل" (ص ٣٨٧): "من ذلك قوله: (إنَّ الدّينَ عِنْدَ اللّهِ الْإِسْلام) يريد دين الحق، لا على أن اليهودية لا تسمى دينًا في اللغة وغيرها من الأديان".
(٢) هو: محمد بن عمر بن الحسين بن علي التميمي البكري الطربستاني الرازي المعروف (بابن الخطيب) ولد بالري سنة ٥٤٤ هـ، وتفقه على والده، ضياء الدين عمر، المفسر المتكلم صاحب التصانيف الكثيرة منها: مفاتيح الغيب المعروف بـ (التفسير الكبير) والمحصول في الأصول توفي سنة ٦٠٦ هـ. [انظر ترجمته في: طبقات الشافعية للسبكي (٥/ ٣٣)، وطبقات المفسرين للداودي (ص ٢١٣)].
(٣) التفسير الكبير للرازي (٣٢/ ١٠٥).
(٤) انظر: دعوة التقريب بين الأديان، دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية (١/ ٣٠).